الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  80 وقال ربيعة : لا ينبغي لأحد عنده شيء من العلم أن يضيع نفسه .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  ربيعة هو المشهور بربيعة الرأي بإسكان الهمزة ، إنما قيل له ذلك لكثرة اشتغاله بالرأي والاجتهاد وهو ابن أبي عبد الرحمن فروخ بالفاء والراء المشددة المضمومة وبالخاء المعجمة ، المدني التابعي الفقيه ، شيخ مالك بن أنس ، روى عنه الأعلام منهم أبو حنيفة ، توفي سنة ست وثلاثين ومائة بالمدينة وقيل بالأنبار في دولة أبي العباس ، فإن قلت : ما وجه مناسبة قول ربيعة هذا للتبويب في رفع العلم ؟ قلت : من كان له فهم وقبول يلزمه من فرض العلم ما لا يلزم غيره ، فينبغي أن يجتهد فيه ولا يضيع علمه فيضيع نفسه ، فإنه إذا لم يتعلم أفضى إلى رفع العلم ; لأن البليد لا يقبل العلم فهو عنه مرتفع فلو لم يتعلم الفهم لارتفع العلم عنه أيضا فيرتفع عموما وذلك من أشراط الساعة ، ويقال : معنى كلام ربيعة الحث على نشر العلم لأن العالم في قومه إذا لم ينشر علمه ومات قبل ذلك أدى ذلك إلى رفع العلم وظهور الجهل ، وهذا المعنى أيضا يناسب التبويب ، ويقال معناه أنه لا ينبغي للعالم أن يأتي بعلمه أهل الدنيا ولا يتواضع لهم إجلالا للعلم ، فعلى هذا فالمعنى في مناسبة التبويب ما يؤدي إليه من قلة الاشتغال بالعلم والاهتمام به لما يرى من ابتذال أهله وقلة الاحترام لهم ، قوله “ أن يضيع " وفي بعض النسخ يضيع بدون أن معناه بأن لا يفيد الناس ولا يسعى في تعليم الغير ، وقد قيل : ومن منع المستوجبين فقد ظلم .

                                                                                                                                                                                  وقال التيمي : [ ص: 82 ] قال الفقهاء : لزم معين البلد للقضاء طلبه لحاجة إلى رزقه من بيت المال أو لخمول ذكره وعدم شهرة فضيلته يعني إذا ولي القضاء انتشر علمه ، فإن قلت : ما حال هذا التعليق ؟ قلت : قد علم أن ما يذكر البخاري بصيغة الجزم يدل على صحته عنده ، وما يذكره بصيغة التمريض يدل على ضعفه ، وهذا بصيغة الجزم ، ووصله الخطيب في الجامع والبيهقي في المدخل من طريق عبد العزيز الأويسي عن مالك عن ربيعة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية