الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1047 131 - حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عامر بن ربيعة أخبره قال: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على الراحلة يسبح يومئ برأسه قبل أي وجه توجه، ولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع ذلك في الصلاة المكتوبة.

                                                                                                                                                                                  وقال الليث : حدثني يونس عن ابن شهاب قال: قال سالم : كان عبد الله يصلي على دابته من الليل وهو مسافر ما يبالي حيث كان وجهه. قال ابن عمر: وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسبح على الراحلة قبل أي وجه توجه ويوتر عليها، غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: "ولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع ذلك في الصلاة المكتوبة " وفي قوله: " غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة " وهذا الحديث قد تقدم قبل بابين في "باب يصلي المغرب ثلاثا في السفر" فانظر التفاوت بينهما في السند والمتن.

                                                                                                                                                                                  وعقيل بضم العين هو ابن خالد الأيلي ، وابن شهاب هو محمد بن مسلم الزهري ، ويونس هو ابن يزيد الأيلي .

                                                                                                                                                                                  قوله: " وهو على الراحلة " جملة حالية، وكذلك قوله: " يسبح " حال من النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعناه: يصلي صلاة النفل، وقال بعضهم: التسبيح حقيقة في قوله: سبحان الله، فإذا أطلق على الصلاة فهو من باب إطلاق اسم البعض على الكل.

                                                                                                                                                                                  ( قلت ): ليس الأمر كذلك، [ ص: 141 ] وإنما التسبيح في الحقيقة التنزيه من النقائض، ثم يطلق على غيره من أنواع الذكر مجازا كالتحميد والتمجيد وغيرهما، وقد يطلق على صلاة التطوع فيقال: سبحة، وهو من أنواع المجاز من قبيل إطلاق الجزء على الكل، وقال هذا القائل أيضا: أو لأن المصلي منزه لله سبحانه وتعالى بإخلاص العبادة، والتسبيح التنزيه، فيكون من باب الملازمة.

                                                                                                                                                                                  ( قلت ): ليت شعري ما مراده من الملازمة، فإن كانت اصطلاحية فهي تستدعي اللازم والملزوم، فما اللازم هنا وما الملزوم ؟ وإن أراد غير ذلك فعليه بيانه، وهذا الوجه أيضا يقتضي أن لا يختص بالنافلة، والحال أن إطلاق هذا مخصوص بالنافلة حيث قال: وأما اختصاص ذلك بالنافلة فهو عرف شرعي، وتحرير ذلك ما قاله ابن الأثير : وإنما خصت النافلة بالسبحة وإن شاركتها الفريضة في معنى التسبيح ; لأن التسبيحات في الفرائض نوافل، فقيل لصلاة النافلة سبحة ; لأنها نافلة كالتسبيحات والأذكار في أنها غير واجبة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " قبل " أي: وجه، بكسر القاف وفتح الباء الموحدة، أي: مقابل، أي: جهة. قوله: " وقال الليث " قد ذكرنا في "باب يصلي في السفر" أن الإسماعيلي وصله.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية