الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1085 166 - حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا خالد بن عبد الله عن حصين عن أبي وائل عن حذيفة رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قام للتهجد من الليل يشوص فاه بالسواك.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  قال ابن بطال : هذا الحديث لا دخل له في هذا الباب ; لأن شوص الفم لا يدل على طول الصلاة، قال: ويمكن أن يكون ذلك من غلط الناسخ فكتبه في غير موضعه، أو أن البخاري أعجلته المنية عن تهذيب كتابه وتصفحه، وله فيه مواضع مثل هذا تدل على أنه مات قبل تحرير الكتاب، وقال ابن المنير : يحتمل أن يكون أراد أن حذيفة روى قال: " صليت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة، فافتتح البقرة فقلت: يركع عند المائة فمضى فقلت: يصلي بها في ركعة فمضى " الحديث، فكأنه لما قال: يتهجد وذكر حديثه في السواك وكان يتسوك حين يقوم من النوم ولكل صلاة، ففيه إشارة إلى طول القيام أو يحمل على أن في الحديث إشارة من جهة أن استعمال السواك حينئذ يدل على ما يناسبه من إكمال الهيئة والتأهب للعبادة، وذلك دليل على طول القيام ; إذ النافلة المخففة لا يتهيأ لها هذا التهيؤ الكامل. انتهى.

                                                                                                                                                                                  وقيل: أراد بهذا الحديث استحضار حديث حذيفة المذكور الذي أخرجه مسلم ، وإنما لم يخرجه لكونه على غير شرطه، وقال بعضهم: يحتمل أن يكون بيض الترجمة بحديث [ ص: 186 ] حذيفة ، فضم الحديث الذي بعده إلى الحديث الذي قبله. انتهى.

                                                                                                                                                                                  (قلت): هذه كلها تعسفات لا طائل تحتها، أما ابن بطال فإنه لم يذكر شيئا ما في توجيه وضع هذا الحديث في هذا الباب، وإنما ذكر وجهين أحدهما نسبة هذا إلى الغلط من الناسخ، وهذا بعيد ; لأن الناسخ لم يأت بهذا الحديث من عنده وكتبه هنا، والثاني أنه اعتذر من جهة البخاري بأنه لم يدرك تحريره، وفيه نوع نسبة إلى التقصير، وأما كلام ابن المنير فإنه لا يجدي شيئا في توجيه هذا الموضع ; لأن حاصل ما ذكره من الطول هو الخارج عن ماهية الصلاة، وليس المراد من الترجمة مطلق الطول، وإنما المراد هو الطول الكائن في هيئة الصلاة، وأما القائل الذي وجه بقوله: أراد بهذا الحديث استحضار حديث حذيفة فإنه توجيه بعيد ; لأن استحضار حديث أجنبي بالوجه الذي ذكره لا يدل على المطابقة، وأما كلام بعضهم فاحتمال بعيد ; لأن تبييض الترجمة لحديث حذيفة لا وجه له أصلا لعدم المناسبة، ولكن يمكن أن يعتذر عن البخاري في وضعه هذا الحديث هنا بوجه مما يستأنس به، وهو أن الترجمة في طول القيام في صلاة الليل ، وحديث حذيفة فيه القيام للتهجد، والتهجد في الليل غالبا يكون بطول الصلاة، وطول الصلاة غالبا يكون بطول القيام فيها، وإن كان يقع أيضا بطول الركوع والسجود.

                                                                                                                                                                                  (ذكر رجاله) وهم خمسة:

                                                                                                                                                                                  الأول: حفص بن عمر بن الحارث أبو عمر الحوضي . الثاني: خالد بن عبد الله بن عبد الرحمن الطحان .

                                                                                                                                                                                  الثالث: حصين بضم الحاء وفتح الصاد المهملتين وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره نون، ابن عبد الرحمن السلمي أبو الهذيل ، مر في "باب الأذان بعد ذهاب الوقت".

                                                                                                                                                                                  الرابع: أبو وائل شقيق بن سلمة .

                                                                                                                                                                                  الخامس: حذيفة بن اليمان .

                                                                                                                                                                                  (ذكر لطائف إسناده) فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين، وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع، وفيه القول في موضع واحد، وفيه أن شيخه من أفراده وأنه بصري وخالد واسطي وحصين وأبو وائل كوفيان.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه أيضا في "باب السواك" في "كتاب الوضوء" عن عثمان بن أبي شيبة عن جرير عن منصور عن أبي وائل عن حذيفة ، ومر الكلام فيه هناك مستوفى.

                                                                                                                                                                                  قوله: " يشوص " ، أي: يدلك أو يغسل.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية