الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  117 58 - حدثنا آدم ، قال : حدثنا شعبة ، قال : حدثنا الحكم ، قال : سمعت سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : بت في بيت خالتي ميمونة بنت الحارث زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - عندها في ليلتها ، فصلى النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء ، ثم جاء إلى منزله فصلى أربع ركعات ، ثم نام ، ثم قام ، ثم قال : نام الغليم أو كلمة تشبهها ، ثم قام فقمت عن يساره ، فجعلني عن يمينه ، فصلى خمس ركعات ثم صلى ركعتين ، ثم نام حتى سمعت غطيطه أو خطيطه ، ثم خرج إلى الصلاة .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقة الحديث للترجمة في قوله " نام الغليم " قاله ابن المنير ، ويقال : ارتقاب ابن عباس رضي الله عنهما لأحوال النبي عليه الصلاة والسلام إذ لا فرق بين التعلم من القول والتعلم من الفعل ، فقد سمر ابن عباس ليلته في طلب العلم ، وقال الكرماني : الذي فيه من الدلالة على الترجمة هو ما يفهم من جعله على يمينه كأنه عليه السلام قال لابن عباس : قف على يميني ، فقال : وقفت ، ويجعل الفعل بمنزلة القول أو أن الغالب أن الأقارب إذا اجتمعوا لا بد أن يجري بينهما حديث للمؤانسة .

                                                                                                                                                                                  وحديث النبي عليه السلام كله فائدة وعلم ، ويبعد من مكارمه أن يدخل بيته بعد صلاة العشاء بأصحابه ويجد ابن عباس مبايتا له ولا يكلمه أصلا ، واعترض بعضهم على هذا كله ، فقال : كل ما ذكروه معترض ; لأن من يتكلم بكلمة واحدة لا يسمى سامرا ، وصنيع ابن عباس [ ص: 178 ] يسمى سهرا لا سمرا إذ السمر لا يكون إلا بتحدث وأبعدها الأخير ; لأن ما يقع بعد الانتباه من النوم لا يسمى سمرا ، ثم قال : والأولى من هذا كله أن مناسبة الترجمة مستفادة من لفظ آخر في هذا الحديث بعينه من طريق أخرى ، وهذا يصنعه المصنف كثيرا يريد به تنبيه الناظر في كتابه على الاعتناء بتتبع طرق الحديث والنظر في مواقع ألفاظ الرواة ; لأن تفسير الحديث بالحديث أولى من الخوض فيه بالظن ، وإنما أراد البخاري هنا ما وقع في بعض طرق هذا الحديث مما يدل صريحا على حقيقة السمر بعد العشاء ، وهو ما أخرجه في التفسير وغيره من طريق كريب ، عن ابن عباس قال : " بت في بيت ميمونة ، فتحدث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع أهله ساعة ، ثم رقد " ، فصحت الترجمة بحمد الله تعالى من غير حاجة إلى تعسف ولا رجم بالظن ، انتهى .

                                                                                                                                                                                  قلت : اعتراض هذا المعترض كله معترض ، أما قوله " لأن من يتكلم بكلمة واحدة لا يسمى سامرا " فغير صحيح ; لأن حقيقة السمر التحدث بالليل ويطلق ذلك على التحدث بكلمة ، وقد بين ذلك ابن المنير بقوله : إن أصل السمر ثبت بهذه الكلمة ، وهي قوله : نام الغليم ، والذي قاله صحيح ; لأن أحدا لم يشترط أن لا يكون السمر إلا بكلمات متعددة ، وأهل اللغة قاطبة لم يقولوا إلا أن السمر هو التحدث بالليل ، وهو يطلق على القليل والكثير ، وأما قوله : وصنيع ابن عباس يسمى سهرا لا سمرا ، فنقول : إن السمر كما يطلق على القول يطلق على الفعل ، يقال : سمر القوم الخمر إذا شربوها ، قال القطامي :


                                                                                                                                                                                  ومصرعين من الكلال وإنما سمروا الغبوق من الطلاء المعرق

                                                                                                                                                                                  وسامر الإبل ما رعى منها بالليل ، يقال : إن إبلنا تسمر أي ترعى ليلا ، وأما قوله " وأبعدها الأخير " فهو أبعد اعتراضاته بل هو الأقرب ; لأن قوله : لأن ما يقع بعد الانتباه من النوم لا يسمى سمرا ، مخالف لما قاله أهل اللغة ، وبيان قرب الأخير الذي ادعى أنه أبعدها أن النبي عليه الصلاة والسلام كان وقت جعله ابن عباس عن يمينه في مقام التعليم له ، ولا شك أنه لم يكتف وقتئذ بمجرد الفعل بل علمه أيضا بالقول لزيادة البيان ، ولا سيما كان ابن عباس حينئذ صغيرا ، ولم يكن عالما بموقف المقتدي من الإمام ، وأما قوله : والأولى من هذا كله أن مناسبة الترجمة إلى آخره ، فكلام ليس له توجيه أصلا فضلا عن أن يكون أولى من غيره ; لأن من يعقد بابا بترجمة ويضع فيه حديثا ، وكان قد وضع هذا الحديث بعينه في باب آخر ، ولكن بطريق أخرى وألفاظ متغايرة ، هل يقال : مناسبة الترجمة في هذا الباب يستفاد من ذلك الحديث الموضوع في الباب الآخر ، فما أبعد هذا الكلام ! وأبعد من هذا البعيد أنه علل ما قال بقوله : لأن تفسير الحديث بالحديث أولى من الخوض فيه بالظن ، فسبحان الله ! هؤلاء ما فسروا الحديث ها هنا بل ذكروا مطابقة الحديث للترجمة بالتقارب ، وما ذكره هو الرجم بالظن .

                                                                                                                                                                                  بيان رجاله :

                                                                                                                                                                                  وهم خمسة ذكروا ما عدا الحكم بن عتيبة ، وهو بالحاء المهملة والكاف المفتوحتين ، وعتيبة بضم العين المهملة وفتح التاء المثناة من فوق وسكون الياء آخر الحروف وفتح الباء الموحدة ، وفي آخره هاء ابن النهاس واسمه عبد الكندي ، يقال : كنيته أبو عبد الله ، وقيل : أبو عمر الكوفي مولى عدي بن عدي الكندي ، ويقال : مولى امرأة من كندة ، قال يحيى بن معين وعبد الرحمن بن مهدي وأبو حاتم : ثقة ، وكان فقيه الكوفة مع حماد ، روى عن ابن أبي أوفى وأبي جحيفة ، وعنه شعبة وغيره ، وكان عابدا قانتا ثقة صاحب سنة ، مات سنة أربع عشرة ، وقيل : خمس عشرة ومائة ، روى له الجماعة .

                                                                                                                                                                                  بيان لطائف إسناده

                                                                                                                                                                                  منها أن فيه التحديث والسماع والعنعنة ، ومنها أن رواته كلهم أئمة أجلاء ، ومنها أن فيه رواية التابعي عن التابعي ، والحكم المذكور من التابعين الصغار .

                                                                                                                                                                                  بيان تعدد موضعه ومن أخرجه غيره :

                                                                                                                                                                                  أخرجه البخاري ها هنا عن آدم ، وفي الصلاة أيضا عن سليمان بن حرب ، كلاهما عن شعبة عن الحكم ، عن سعيد بن جبير عنه به . وأخرجه أبو داود في الصلاة ، عن ابن المثنى ، عن ابن أبي عدي ، عن شعبة به ، وعن عثمان بن أبي شيبة ، عن وكيع ، عن محمد بن قيس الأسدي عنه به . وأخرجه النسائي فيه ، عن عمرو بن يزيد ، عن بهز بن أسد ، عن شعبة به . وأخرجه البخاري أيضا في مواضع في كتابه ، عن كريب وعطاء بن أبي رباح وأبي جمرة وطاوس وغيرهم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما .

                                                                                                                                                                                  [ ص: 179 ] بيان اللغات والإعراب

                                                                                                                                                                                  قوله " بت " بكسر الباء الموحدة وتشديد التاء المثناة من فوق من البيتوتة أصله بيتت بفتح الباء والياء ، فقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فصار باتت ، فالتقى ساكنان فحذفت الألف ، فصار بتت فأدغمت التاء في التاء ثم أبدلت كسرة من فتحة الباء ليدل على الياء المحذوفة ، فصار بت على وزن قلت ، وهذه جملة من الفعل والفاعل وقعت مقول القول .

                                                                                                                                                                                  قوله " ميمونة " عطف بيان من قوله " خالتي " .

                                                                                                                                                                                  قوله " بنت الحارث " مجرور ; لأنه صفة ميمونة ، وهو مجرور ، ولكنه غير منصرف للعلمية والتأنيث .

                                                                                                                                                                                  قوله " زوج النبي عليه الصلاة والسلام " مجرور أيضا ; لأنه صفة بعد صفة .

                                                                                                                                                                                  قوله " وكان النبي عليه الصلاة والسلام " الواو فيه للحال ، وقوله " عندها " خبر كان .

                                                                                                                                                                                  قوله " فصلى النبي عليه الصلاة والسلام " الفاء فيه هي الفاء التي تدخل بين المجمل والمفصل ; لأن التفصيل إنما هو عقيب الإجمال ; لأن صلاة النبي عليه الصلاة والسلام ومجيئه إلى منزله كانا قبل كونه عند ميمونة ، ولم يكونا بعد الكون عندها .

                                                                                                                                                                                  قوله " العشاء " بالنصب ، وفيه حذف المضاف تقديره صلاة العشاء ، قوله “ فصلى أربع ركعات " الفاء فيه للتعقيب ثم عطف عليه بقوله " ثم نام " بكلمة " ثم " ليدل على أن نومه لم يكن عقيب الصلاة على الفور .

                                                                                                                                                                                  قوله " أو كلمة " منصوب بفعل محذوف أي أو قال كلمة ، فإن قلت : مقول القول يجب أن يكون كلاما لا كلمة . قلت : قد تطلق الكلمة على الكلام مجازا نحو كلمة الشهادة ، قوله “ فقمت " عطف على قوله " ثم قام " ، قوله “ عن يساره " بفتح الياء وكسرها ، وقال ابن عربي : ليس في كلام العرب كلمة أولها ياء مكسورة ، وفي العباب : قال ابن دريد : اليد اليسار ضد اليمين بفتح الياء وكسرها ، قال : وزعموا أن الكسر أفصح ، قال : وقال بعض أهل اللغة : اليسار بكسر الياء شبهوها بالشمال ; إذ ليس في كلامهم كلمة مكسورة الياء إلا يسار .

                                                                                                                                                                                  وقال ابن عباد : اليسار بالتشديد لغة في اليسار .

                                                                                                                                                                                  قوله " حتى سمعت " حتى ها هنا للغاية تقديره إلى أن سمعت ، قوله “ غطيطه " بفتح الغين المعجمة وكسر الطاء على وزن فعيل هو صوت يخرجه النائم مع نفسه عند استثقاله .

                                                                                                                                                                                  وفي العباب : غطيط النائم والمخنوق نخيرهما . قلت : هذا يرد تفسير بعضهم الغطيط نفس النائم والنخير أقوى منه ، فإنه جعل النخير غير الغطيط ، وصاحب العباب جعله عينه :


                                                                                                                                                                                  إذا قالت حذام فصدقوها

                                                                                                                                                                                  وأيضا فإن الغطيط لا بد فيه من الصوت ، وما فسره به بعضهم ليس فيه صوت ; لأن مجرد النفس لا صوت فيه .

                                                                                                                                                                                  قوله " أو خطيطه " بفتح المعجمة وكسر الطاء ، وقال الداودي : هو بمعنى الغطيط ، وقال ابن بطال : لم أجده بالخاء المعجمة عند أهل اللغة وتبعه القاضي عياض ، فقال : هو هنا وهم . قلت : الصواب مع الداودي ، فإن صاحب العباب قال : وخط في نومه خطيطا أي غط .

                                                                                                                                                                                  وفي حديث النبي عليه الصلاة والسلام : " أنه أوتر بسبع أو تسع ثم اضطجع حتى سمع خطيطه " ويروى غطيطه ، ويروى فخيخه ، ويروى ضفيزه ، ويروى صفيره ، ومعنى الخمسة واحد ، وهو نخير النائم . قلت : الضفيز بالضاد والزاي المعجمتين وبالفاء ، والصفير بالصاد والراء المهملتين ، والفخيخ بالفاء والخاءين المعجمتين .

                                                                                                                                                                                  بيان المعاني

                                                                                                                                                                                  قوله " في ليلتها " أي المختصة بها بحسب قسم النبي عليه الصلاة والسلام بين الأزواج ، قوله “ ثم جاء " أي من المسجد إلى منزله في تلك الليلة المراد به بيت ميمونة بنت الحارث الهلالية أم المؤمنين ، تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة ست أو سبع من الهجرة ، وتوفيت سنة إحدى وخمسين ، وقيل : سنة ست وستين بسرف في المكان الذي تزوجها فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وهو بفتح السين وكسر الراء المهملتين وبالفاء ، وصلى عليها عبد الله بن عباس ، قيل : إنها آخر أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ لم يتزوج بعدها ، وهي أخت لبابة بضم اللام وتخفيف الباء الموحدة وبعد الألف باء أخرى بنت الحارث زوجة العباس وأم أولاده عبد الله والفضل وغيرهما ، وهي أول امرأة أسلمت بعد خديجة رضي الله تعالى عنها ، وكان النبي صلى الله تعالى عليه وسلم يزورها وهي لبابة الكبرى وأختها لبابة الصغرى أم خالد بن الوليد رضي الله عنه .

                                                                                                                                                                                  قوله " نام الغليم " يحتمل الإخبار لميمونة ويحتمل الاستفهام عن ميمونة ، وحذف الهمزة بقرينة المقام وهذا أظهر ، و” الغليم " بضم الغين وفتح اللام وتشديد الياء تصغير غلام من باب تصغير الشفقة ، نحو : يا بني ، وأراد به عبد الله بن عباس ، وروي : يا أم الغليم بالنداء ، والأول هو الصواب ، ولم تثبت بالثاني الرواية .

                                                                                                                                                                                  قوله " أو كلمة " شك من الراوي ، وقال الكرماني : شك من ابن عباس . قلت : لا يلزم التعيين ; لأنه يحتمل أن يكون من أحد ممن دونه أي أو قال كلمة تشبه قوله نام الغليم ، والثانية باعتبار الكلمة أو باعتبار كونها جملة . وفي رواية : نام الغلام ، قوله “ فصلى أربع ركعات " الجملة في هذه الطريق أنه صلى إحدى عشرة ركعة [ ص: 180 ] أربعا ثم خمسا ثم ركعتين ، وجاء في موضع من البخاري : " فكانت صلاته ثلاث عشرة ركعة " ، وجاء في باب قراءة القرآن أنها كانت ثلاث عشرة ركعة غير ركعتي الفجر ، فإن فيه : " فصلى ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم ركعتين ، ثم أوتر ، ثم اضطجع حتى أتاه المؤذن ، فقام فصلى ركعتين ، ثم خرج فصلى الصبح " .

                                                                                                                                                                                  وهذا هو الأكثر في الروايات ، ويجمع بينهما بأن من روى إحدى عشرة أسقط الأوليين وركعتي الفجر ، ومن أثبت الأوليين عدها ثلاث عشرة ، وقد وقع هذا الاختلاف في صحيح مسلم من حديث واصل وغيره ، وأجاب القاضي في الجمع بمثله ، وقد استدرك الدارقطني حديث وأصلي على مسلم لكثرة اختلافه ، وقال الداودي : أكثر الروايات أنه لم يصل قبل النوم وأنه صلى بعده ثلاث عشرة ركعة ، فيحتمل أن نوم ابن عباس رضي الله عنهما عند النبي - صلى الله عليه وسلم - كان وقوعا ، فذكر ذلك بعض من سمعه . قلت : المشهور أنها كانت واقعة واحدة ، قوله “ ثم صلى ركعتين " قال الكرماني : فإن قلت : ما فائدة الفصل بينه وبين الخمس ؟ ولم ما جمع بينهما بأن يقال : فصلى سبع ركعات ؟ قلت : إما لأنه صلى الله عليه وسلم صلى الخمس بسلام والركعتين بسلام ، وأن الخمس باقتداء ابن عباس به والركعتين بعد اقتدائه .

                                                                                                                                                                                  وقال بعضهم : أغرب الكرماني في هذا ، وكأنه ظن أن الركعتين من جملة صلاة الليل وهو محتمل ، لكن حملها على سنة الفجر أولى ليحصل الختم بالوتر . قلت : قط ما ظن هو أن الركعتين من صلاة الليل غاية ما في الباب ، وقع السؤال عن تفصيل ابن عباس في أخباره حيث لم يجمل ، وجوابه عن وجه ذلك ولئن سلمنا أنه ظن أن الركعتين من صلاة الليل ، ففيه أيضا الختم بالوتر حاصل .

                                                                                                                                                                                  قوله " ثم خرج إلى الصلاة " هذا من خصائص النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ نومه مضطجعا لا ينقض الوضوء ; لأن عينيه تنامان ولا ينام قلبه ، فلو خرج حدث لأحس به بخلاف غيره من الناس .

                                                                                                                                                                                  وفي بعض الروايات في الصحيح : " ثم اضطجع فنام حتى نفخ فخرج فصلى الصبح ، ولم يتوضأ .

                                                                                                                                                                                  قال الكرماني : ويحتمل أن يكون فيه محذوف ، أي ثم توضأ ثم خرج . قلت : قوله في الصحيح : ولم يتوضأ . يرد هذا الاحتمال .

                                                                                                                                                                                  بيان استنباط الأحكام

                                                                                                                                                                                  وهو على وجوه :

                                                                                                                                                                                  الأول : فيه من فضل ابن عباس وحذقه على صغر سنه ; حيث أرصد النبي - صلى الله عليه وسلم - طول ليلته ، وقيل : إن العباس أوصاه بمراعاة النبي - صلى الله عليه وسلم - ليطلع على عمله بالليل .

                                                                                                                                                                                  الثاني : قال محيي السنة : فيه جواز الجماعة في النافلة .

                                                                                                                                                                                  الثالث : فيه جواز العمل اليسير في الصلاة .

                                                                                                                                                                                  الرابع : فيه جواز الصلاة خلف من لم ينو الإمامة .

                                                                                                                                                                                  الخامس : فيه جواز بيتوتة الأطفال عند المحارم وإن كانت عند زوجها .

                                                                                                                                                                                  السادس : فيه الإشعار بقسمه صلى الله عليه وسلم بين زوجاته .

                                                                                                                                                                                  السابع : فيه جواز التصغير على وجه الشفقة والذكر بالصفة ; حيث لم يقل : نام عبد الله .

                                                                                                                                                                                  الثامن : فيه أن موقف المأموم الواحد عن يمين الإمام ، فإذا وقف عن يساره يحوله إلى يمينه .

                                                                                                                                                                                  التاسع : فيه أن صلاة الصبي صحيحة .

                                                                                                                                                                                  العاشر : فيه أن صلاة الليل إحدى عشرة ركعة .

                                                                                                                                                                                  قال الكرماني : قلت : ينبغي أن يكون تسع ركعات ، فإن الركعتين الأخيرتين سنة الصبح ، والست منها نافلة ، وختمها بالوتر ثلاث ركعات .

                                                                                                                                                                                  الحادي عشر : فيه جواز نوم الرجل مع امرأته من غير مواقعة بحضرة بعض محارمها وإن كان مميزا ، وجاء في بعض الروايات أنها كانت حائضا ، ولم يكن ابن عباس ليطلب المبيت في ليلة فيها حاجة إلى أهله ، ولا يرسله أبوه العباس .

                                                                                                                                                                                  الثاني عشر : فيه أن نومه صلى الله عليه وسلم مضطجعا غير ناقض للوضوء ; لأن قلبه لا ينام بخلاف عينيه ، وكذا سائر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كما أخرجه البخاري في حديث الإسراء ، وأما نومه عليه الصلاة والسلام في الوادي إلى أن طلعت الشمس فلا ينافي هذا ; لأن الفجر والشمس إنما يدركان بالعين لا بالقلب ، وأبعد من قال : إنه كان في وقت ينام قلبه فصادف ذلك .

                                                                                                                                                                                  الثالث عشر : فيه جواز الرواية عند الشك في كلمة بشرط التنبيه عليه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية