الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1304 124 - حدثنا علي بن عبد الله قال : حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال : حدثني أبي ، عن صالح قال : حدثني نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما أخبره قال : اطلع النبي - صلى الله عليه وسلم - على أهل القليب فقال : وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ فقيل له : أتدعو أمواتا ؟ فقال : ما أنتم بأسمع منهم ، ولكن لا يجيبون .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة من حيث إن النبي - صلى الله عليه وسلم - شاهد أهل القليب - قليب بدر - وهم يعذبون ، فلذلك قال : وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ يعني من العذاب في القبر قبل يوم القيامة .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر رجاله ) : وهم ستة ; الأول : علي بن عبد الله المعروف بابن المديني . الثاني : يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف القرشي الزهري . الثالث : أبوه إبراهيم بن سعد . الرابع : صالح بن كيسان أبو محمد . الخامس : نافع مولى ابن عمر . السادس : عبد الله بن عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنهم .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر لطائف إسناده ) : فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين وبصيغة الإفراد في موضعين ، وفيه الإخبار بصيغة الإفراد في موضع ، وفيه العنعنة في موضع ، وفيه أن رواته مدنيون ، وفيه رواية التابعي عن التابعي عن الصحابي ; فإن صالحا رأى عبد الله بن عمر ، قاله الواقدي ، وقال : مات بعد الأربعين والمائة .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره ) : أخرجه البخاري أيضا في المغازي : حدثني عثمان ، حدثنا عبدة ، عن هشام ، عن أبيه ، عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال : وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - على قليب بدر فقال : هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ الحديث ، وأخرجه مسلم في الجنائز عن أبي كريب وأبي بكر بن أبي شيبة ، وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن آدم .

                                                                                                                                                                                  ( ذكر معناه ) : قوله ( اطلع ) ; أي شاهد أهل القليب وحضر عندهم ، وهم : أبو جهل بن هشام ، وأمية بن خلف ، وعتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة . واطلع عليهم وهم مقتولون فقال ما قال ، ثم أمرهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر ، والقليب بفتح القاف وكسر اللام وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره باء موحدة ، وهو البئر قبل أن يطوى ، يذكر ويؤنث . وقال أبو عبيد : هي البئر العادية القديمة ، وجمع القلة أقلبة ، والكثير قلب بضمتين ، والمراد به هاهنا قليب بدر ، وبينه في الحديث بقوله " قليب بدر " بالجر لأنه بدل عن قوله " أهل القليب " .

                                                                                                                                                                                  قوله ( وهم يعذبون ) جملة حالية ، ولما رآهم وهم يعذبون قال صلى الله عليه وسلم : وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟

                                                                                                                                                                                  قوله ( فقيل له ) ; أي للنبي صلى الله عليه وسلم ، والقائل هو عمر رضي الله تعالى عنه وصرح به في رواية مسلم في رواية أنس رضي الله تعالى عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترك قتلى بدر ثلاثا ، ثم أتاهم فقام عليهم فناداهم فقال : يا أبا جهل بن هشام ، يا أمية بن خلف ، يا عتبة بن ربيعة ، يا شيبة بن ربيعة ، أليس قد وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ فإني قد وجدت ما وعدني ربي حقا ! فسمع عمر رضي الله تعالى عنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، كيف يسمعوا وأنى يجيبوا وقد جيفوا ؟ فقال : والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولكنهم لا يقدرون أن يجيبون . ثم أمر بهم فسحبوا فألقوا في قليب بدر .

                                                                                                                                                                                  قوله ( ولكن لا يجيبون ) ; أي لا يقدرون على الجواب ، فعلم أن في القبر حياة فيصلح العذاب فيه .



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية