الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1388 59 - (حدثنا أبو اليمان، قال: أخبرنا شعيب، عن الزهري، ح وقال الليث: حدثنا عبد الرحمن بن خالد، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها. قال عمر رضي الله عنه: فما هو إلا أن رأيت أن الله شرح صدر أبي بكر رضي الله عنه بالقتال، فعرفت أنه الحق).

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: "لو منعوني عناقا" إلى آخره، وكأنه أشار بهذه الترجمة إلى جواز أخذ الصغير من الغنم في الزكاة، وهذا الحديث قطعة من حديث قصة عمر مع أبي بكر رضي الله تعالى عنهما في قتال مانعي الزكاة، وقد مر الحديث بتمامه مطولا في أول الزكاة، أخرجه هناك من طريق واحد عن أبي اليمان الحكم بن نافع، عن شعيب بن أبي حمزة، عن محمد بن مسلم الزهري، عن عبيد الله آخره، وهاهنا أخرجه من طريقين أحدهما عن أبي اليمان، عن شعيب، عن الزهري، عن عبيد الله، والآخر معلق، حيث قال: قال الليث إلى آخره، ووصله الذهلي في الزهريات، عن أبي صالح، عن الليث.

                                                                                                                                                                                  (ذكر ما يستفاد منه):

                                                                                                                                                                                  اختلفوا في أخذ العناق والسخال والبهم إذا كانت الغنم كذلك كلها أو كان في الإبل فصلان أو في البقر عجاجيل، فقال مالك: عليه في الغنم جذعة أو ثنية وعليه في الإبل والبقر ما في الكبار منها، وهو قول زفر وأبي ثور.

                                                                                                                                                                                  وقال أبو يوسف والأوزاعي والشافعي: يؤخذ منها إذا كانت صغارا من كل صنف واحد منها.

                                                                                                                                                                                  وقال أبو حنيفة والثوري ومحمد: لا شيء في الفصلان ولا في العجاجيل ولا في صغار الغنم، لا منها ولا من غيرها، وذكر ابن المنذر وكان أبو حنيفة وأصحابه والثوري والشافعي وأحمد يقولون: في أربعين حملا مسنة، وعلى هذا القول هم موافقون لقول مالك، وقد مر تحقيق هذا في الباب السابق.

                                                                                                                                                                                  فإن قلت: كيف وجه الاستدلال بهذا الحديث عند من يرى جواز أخذ الصغير إذا كانت الماشية كلها صغارا؟ قلت: قالوا: قول أبي بكر رضي الله تعالى عنه: "لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها" يدل على أنها مأخوذة في الصدقة، وهو مذهب البخاري أيضا، فلذلك ترجم بالترجمة المذكورة، وأجاب المانعون بأن تأويله: يؤدون عنها ما يجوز أداؤه، ويشهد له قول عمر رضي الله تعالى عنه: اعدد عليهم السخلة ولا تأخذها، وإنما خرج قول الصديق على المبالغة بدليل الرواية الأخرى: لو منعوني عقالا، والعقال ليس فيه زكاة، والله تعالى أعلم.



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية