الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1389 60 - (حدثنا أمية بن بسطام، قال: حدثنا يزيد بن زريع، قال: حدثنا روح بن القاسم، عن إسماعيل بن أمية، عن يحيى بن عبد الله بن صيفي، عن أبي معبد، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا رضي الله عنه على اليمن، قال: إنك تقدم على قوم أهل كتاب [ ص: 25 ] فليكن أول ما تدعوهم إليه عبادة الله، فإذا عرفوا الله فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا فعلوا فأخبرهم أن الله فرض عليهم زكاة تؤخذ من أموالهم وترد على فقرائهم، فإذا أطاعوا بها فخذ منهم وتوق كرائم أموال الناس).

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: "وتوق كرائم أموال الناس" وقد مضى هذا الحديث في أول الزكاة فإنه أخرجه هناك عن أبي عاصم الضحاك بن مخلد، عن زكريا بن إسحاق، عن يحيى بن عبد الله إلى آخره، وهنا أخرجه عن أمية بن بسطام -بكسر الباء الموحدة وبفتحها- والأول أشهر. وقال ابن الصلاح: أعجمي لا ينصرف. ومنهم من صرفه، العيشي بفتح العين المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبالشين المعجمة، مات سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وهو يروي عن يزيد بن زريع -مصغر الزرع المرادف للحرث- مر في باب الجنب يخرج، وهو يروي عن روح -بفتح الراء- ابن القاسم، مر في باب ما جاء في غسل البول، وهو يروي عن إسماعيل بن أمية الأموي المكي، مات في سنة تسع وثلاثين ومائة عن يحيى بن عبد الله، عن أبي معبد -بفتح الميم - واسمه نافذ بالنون والفاء والذال المعجمة، والتفاوت بينهما يسير، وليس في الذي رواه أول الزكاة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "وتوق كرائم أموال الناس" فلنذكر فيه بعض شيء وإن كان الكلام قد مضى فيه هناك مستوفى، فقوله: "على اليمن" وهو الإقليم المعروف، وإنما قال على اليمن مع أن البعث يتعدى بإلى لأنه ضمن فيه معنى الولاية، أي بعث واليا عليهم.

                                                                                                                                                                                  قوله: "تقدم" بفتح الدال من قدم بالكسر إذا جاء من السفر، وأما قدم بالضم فمعناه تقدم.

                                                                                                                                                                                  قوله: "أول" بالنصب لأنه خبر كان واسمه قوله: "عبادة الله" .

                                                                                                                                                                                  قوله: "فإذا عرفوا الله" أي بالتوحيد ونفي الألوهية عن غيره.

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني: فإن قلت: مقتضى الظاهر أن يقال: معرفة الله بقرينة: فإذا عرفوا الحق.

                                                                                                                                                                                  قلت: المراد من العبادة المعرفة، كما قيل به في قوله تعالى: وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون أي ليعرفون، انتهى.

                                                                                                                                                                                  قلت: معنى العبادة التوحيد، ومعنى قوله إلا ليعبدون إلا ليعرفون.

                                                                                                                                                                                  قوله: "وترد على فقرائهم" معطوف على محذوف تقديره تؤخذ من أموالهم وترد على فقرائهم، والمحذوف موجود في بعض النسخ.

                                                                                                                                                                                  قوله: "توق" أي احذر أخذ النفائس وخيار أموالهم، قال صاحب المطالع: أي: جامعة الكمال الممكن في حقها من غزارة اللبن، وجمال الصورة، وكثرة اللحم والصوف.



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية