الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1579 246 - حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن أبي النضر، عن عمير مولى عبد الله بن العباس، عن أم الفضل بنت الحارث أن ناسا اختلفوا عندها يوم عرفة في صوم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال بعضهم: هو صائم. وقال بعضهم: ليس بصائم، فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره فشربه.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: "وهو واقف على بعيره" وقد مضى الحديث قبل هذا الباب ببابين، فإنه أخرجه هناك عن علي بن عبد الله، عن سفيان، عن الزهري، عن سالم، إلى آخره، وهنا عن عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن مالك، عن أبي النضر بسكون الضاد المعجمة، وهو سالم بن أبي أمية إلى آخره، فانظر التفاوت بينهما في المتن والسند، ولكن الحاصل واحد.

                                                                                                                                                                                  قوله " عن عمير " بضم العين، وذكر هناك أنه مولى عبد الله بن عباس، وفي ذاك الباب قال: مولى أم الفضل، ووجهه أنه إما كان مولى لهما جميعا أو كان مولى لأم الفضل ونسب إلى عبد الله مجازا أو بالعكس، واسم أم الفضل لبابة، وقد مر هناك قوله: "فأرسلت" بلفظ التكلم وبلفظ الغيبة كما في ذاك الباب، كذلك في قوله: "فبعثت".

                                                                                                                                                                                  واختلف أهل العلم أن الركوب أفضل أو تركه بعرفة، فذهب الجمهور إلى أن الركوب أفضل؛ لكونه صلى الله عليه وسلم وقف راكبا، ولأن في الركوب عونا على الاجتهاد في الدعاء والتضرع المطلوب هناك. وفيه قوة، وهو ما اختاره مالك والشافعي، وعنه قول أنهما سواء.

                                                                                                                                                                                  وفيه أن الوقوف على ظهر الدابة مباح إذا كان بالمعروف ولم يجحف بالدابة، والنهي الوارد "لا تتخذوا ظهورها منابر" محمول على الأغلب الأكثر بدليل هذا الحديث.

                                                                                                                                                                                  وقال ابن التين: من سهل عليه بذل المال وشق عليه المشي فمشيه أكثر أجرا له، ومن شق عليه [ ص: 304 ] بذله، وسهل عليه المشي، فركوبه أكثر أجرا له، وهذا على اعتبار المشقة في الأجور.



                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية