الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  150 وقال أبو الدرداء : أليس فيكم صاحب النعلين والطهور والوساد [ ص: 291 ]

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  [ ص: 291 ] هذا تعليق أخرجه موصولا في المناقب : حدثنا موسى عن أبي عوانة ، عن مغيرة ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، دخلت الشام فصليت ركعتين ، فقلت : اللهم يسر لي جليسا صالحا ، فرأيت شيخا مقبلا ، فلما دنا قلت : أرجو أن يكون استجاب ، قال : ممن أنت . قلت : من أهل الكوفة ، قال : أفلم يكن فيكم صاحب النعلين والوساد والمطهرة ، الحديث ، وأراد بإخراج طرف هذا الحديث ها هنا مع حديث أنس رضي الله عنه التنبيه على ما ترجم عليه من حمل الماء إلى الكنيف لأجل التطهر ، وأبو الدرداء اسمه عويمر بن مالك بن عبد الله بن قيس ويقال : عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري ، من أفاضل الصحابة ، وفرض له عمر رضي الله عنه رزقا فألحقه بالبدريين لجلالته ، وولي قضاء دمشق في خلافة عثمان رضي الله عنه ، مات سنة إحدى أو اثنين وثلاثين ، وقبره بالباب الصغير بدمشق .

                                                                                                                                                                                  قوله : « أليس فيكم " الخطاب فيه لأهل العراق ، ويدخل فيه علقمة بن قيس قال لهم حين كانوا يسألونه مسائل وأبو الدرداء كان يكون بالشام ، أي : لم لا تسألون من عبد الله بن مسعود هو في العراق وبينكم لا يحتاج العراقيون مع وجوده إلى أهل الشام وإلى مثلي ، قوله : " صاحب النعلين " أي : صاحب نعلي رسول الله - عليه الصلاة والسلام - ; لأن عبد الله كان يلبسهما إياه إذا قام ; فإذا جلس أدخلهما في ذراعيه ، وإسناد النعلين إليه مجاز لأجل الملابسة ، وفي الحقيقة صاحب النعلين هو رسول الله - عليه الصلاة والسلام - .

                                                                                                                                                                                  قوله : « والطهور " هو بفتح الطاء لا غير قطعا ; إذ المراد صاحب الماء الذي يتطهر به رسول الله - عليه الصلاة والسلام - ، قوله : « والوساد " بكسر الواو وبالسين المهملة ، وفي آخره دال ، وفي المطالع قوله : « صاحب الوساد والمطهرة " يعني عبد الله بن مسعود ، كذا في البخاري من غير خلاف في كتاب الطهارة ، وفي رواية مالك بن إسماعيل ، ويروى الوسادة أو السواد ، بكسر السين ، وكان ابن مسعود رضي الله عنه يمشي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث انصرف ويخدمه ويحمل مطهرته وسواكه ونعليه وما يحتاج إليه ، فلعله أيضا كان يحمل وسادة إذا احتاج إليه ، وأما أبو عمر ; فإنه يقول كان يعرف بصاحب السواد ، أي : صاحب السر لقوله "آذنك على أن ترفع الحجاب وتسمع سوادي" انتهى كلامه .

                                                                                                                                                                                  وقال الكرماني : ولعل السواد والوسادة هما بمعنى واحد ، وكأنهما من باب القلب ، والمقصود منه أنه رضي الله عنه صاحب الأسرار يقال ساودته مساودة وسوادا ، أي : ساررته ، وأصله إدناء سوادك من سواده ، وهو الشخص ، ويحتمل أن يحمل على معنى المخدة لكنه لم يثبت . قلت : تصرف اللفظ على احتمال معاني لا يحتاج إلى الثبوت ، وقال الصغاني : ساودت الرجل ، أي : ساررته ، ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لابن مسعود رضي الله عنه "آذنك على أن ترفع الحجاب وتسمع سوادي حتى أنهاك" ، أي : سراري ، وهو من إدناء السواد من السواد ، أي : الشخص من الشخص ، وقال : والوساد والوسادة المخدة ، والجمع وسد ووسائد .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية