الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  151 18 - حدثنا محمد بن بشار قال : حدثنا محمد بن جعفر قال : حدثنا شعبة ، عن عطاء بن أبي ميمونة ، سمع أنس بن مالك يقول : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدخل الخلاء فأحمل أنا وغلام إداوة من ماء وعنزة يستنجي بالماء .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقة الحديث للترجمة في قوله : « وعنزة يستنجي بالماء " .

                                                                                                                                                                                  ( بيان رجاله ) وهم خمسة ، قد ذكروا غير مرة ، ومحمد بن بشار لقبه بندار ، ومحمد بن جعفر لقبه غندر ، وقد ذكرناه مبسوطا .

                                                                                                                                                                                  ( بيان لطائف إسناده ) منها أن فيه التحديث والعنعنة والسماع ، ومنها أن فيه سمع أنس بن مالك ، وفي الرواية السابقة : سمعت أنسا ، والفرق بينهما من جهة المعنى أن [ ص: 293 ] الأول : إخبار عن عطاء ، والثاني : حكاية عن لفظه ، ومحصلهما واحد ، ومنها أن رواته أئمة أجلاء .

                                                                                                                                                                                  ( بيان اللغات والإعراب والمعنى ) .

                                                                                                                                                                                  قوله : « الخلاء " بالمد هو التبرز ، والمراد به ها هنا الفضاء ، ويدل عليه الرواية الأخرى : كان إذا خرج لحاجته ، ويدل عليه أيضا حمل العنزة مع الماء ; فإن الصلاة إليها إنما تكون حيث لا سترة غيرها ، وأيضا فإن الأخلية التي هي الكنف في البيوت يتولى خدمته فيها عادة أهله ، قوله : « يدخل الخلاء " جملة في محل النصب على أنها خبر كان ، والخلاء منصوب بتقدير في ، أي : في الخلاء ، وهو من قبيل دخلت الدار ، قوله : « وعنزة " بالنصب عطف على قوله : « إداوة " قوله : « يستنجي بالماء " جملة استئنافية كأن قائلا يقول : ما كان يفعل بالماء ؟ قال : يستنجي به .

                                                                                                                                                                                  قوله : « سمع أنس بن مالك " تقديره أنه سمع ، ولفظة أنه تحذف في الخط وتثبت في التقدير ، قوله : « وعنزة " أي : ونحمل أيضا عنزة ، وكانت الحكمة في حملها كثيرة ، منها ليصلي إليها في الفضاء ، ومنها ليتقي بها كيد المنافقين واليهود ; فإنهم كانوا يرومون قتله واغتياله بكل حالة ، ومن أجل هذا اتخذ الأمراء المشي أمامهم بها ، ومنها لاتقاء السبع والمؤذيات من الحيوانات ، ومنها لنبش الأرض الصلبة عند قضاء الحاجة خشية الرشاش ، ومنها لتعليق الأمتعة ، ومنها للتوكؤ عليها ، ومنها ما قال بعضهم : أنها كانت تحمل ليستتر بها عند قضاء الحاجة ، وهذا بعيد ; لأن ضابط السترة في هذا مما يستر الأسافل والعنزة ليست كذلك .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية