الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1624 (باب النحر في منحر النبي - صلى الله عليه وسلم- بمنى )

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أي: هذا باب في بيان النحر في منحر النبي صلى الله عليه وسلم. المنحر، بفتح الميم، اسم الموضع الذي تنحر فيه الإبل، وقال ابن التين: منحر النبي - صلى الله عليه وسلم- هو عند الجمرة الأولى التي تلي مسجد منى، وأخرج الفاكهي عن ابن جريج، عن عطاء، عن طاوس قال: كان منزل النبي - صلى الله عليه وسلم- بمنى عن يسار المصلي، وقال غير طاوس: وأمر بنسائه أن ينزلن جنب الدار بمنى، وأمر الأنصار أن ينزلوا الشعب وراء الدار. انتهى.

                                                                                                                                                                                  والشعب هو عند الجمرة المذكورة، وللنحر في منحر النبي - صلى الله عليه وسلم- فضيلة؛ لما روى مسلم فقال: حدثنا عمر بن حفص بن غياث قال: حدثنا أبي، عن جعفر قال: حدثني أبي، " عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- قال: نحرت هاهنا، ومنى كلها منحر، فانحروا في رحالكم، ووقفت هاهنا، وعرفة كلها موقف، ووقفت هاهنا وجمع كلها موقف". وقال النووي: في هذه الألفاظ بيان رفق النبي - صلى الله عليه وسلم- بأمته وشفقته عليهم في تنبيههم عن مصالح دينهم ودنياهم، فإنه - صلى الله عليه وسلم- ذكر لهم الأكمل والجائز، فالأكمل موضع نحره ووقوفه، والجائز كل جزء من أجزاء منى للنحر، وجزء من أجزاء عرفات، وجزء من أجزاء مزدلفة. وقال في شرح المهذب: قال الشافعي وأصحابنا: يجوز نحر الهدي ودماء الجبرانات في جميع الحرم، لكن الأفضل في حق الحاج النحر بمنى، وأفضل موضع في منى للنحر موضع نحر رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم- وما قاربه، والأفضل في حق المعتمر أن ينحر في المروة؛ لأنها موضع تحليله كما أن منى موضع تحليل [ ص: 49 ] الحاج. قوله: " فانحروا في رحالكم" ؛ أي: في منازلكم، قال أهل اللغة: رحل الرجل منزله، سواء كان من حجر أو مدر أو شعر أو وبر، ومعنى الحديث: منى كلها يجوز النحر فيها، فلا تتكلفوا في النحر في موضع نحري، بل يجوز لكم النحر في منازلكم من منى، والله أعلم.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية