الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1681 348 - حدثنا عثمان بن الهيثم، أخبرنا ابن جريج، قال عمرو بن دينار قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان ذو المجاز وعكاظ متجر الناس في الجاهلية، فلما جاء الإسلام كأنهم كرهوا ذلك حتى نزلت: ( ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج).

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة، وعثمان بن الهيثم، بفتح الهاء وسكون الياء آخر الحروف وفتح الثاء المثلثة، أبو عمرو المؤذن البصري مات سنة عشرين ومائتين، وهو من أفراد البخاري، وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز المكي.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في البيوع عن عبد الله بن محمد، وعلي بن عبد الله، وفي التفسير عن محمد، ثلاثتهم عن سفيان عنه به.

                                                                                                                                                                                  قوله: " متجر الناس" بفتح الميم؛ أي: مكان تجارتهم، وفي رواية ابن عيينة: "أسواقا في الجاهلية". قوله: " كأنهم" ؛ أي: كأن المسلمين. قوله: " كرهوا ذلك" ، وفي رواية ابن عيينة: " فكأنهم تأثموا"؛ أي: خشيوا الوقوع في الإثم للاشتغال في أيام النسك بغير العبادة.

                                                                                                                                                                                  قوله: " حتى نزلت: ليس عليكم جناح " وروى أبو داود وغيره من حديث يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عباس قالوا: كانوا يتقون البيوع والتجارة في الموسم والحج، يقولون: أيام ذكر، فأنزل الله تعالى " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " وقال ابن جرير: حدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هيثم، أخبرنا حجاج، عن عطاء عن ابن عباس أنه قال: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " في مواسم الحج، وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس في هذه الآية: لا حرج عليكم في الشراء والبيع قبل الإحرام وبعده، وهكذا روى العوفي عن ابن عباس.

                                                                                                                                                                                  قوله: " في مواسم الحج" هذه قراءة ابن عباس، قال وكيع: حدثنا طلحة بن عمرو الحضرمي عن عطاء، عن ابن عباس أنه كان يقرأ: " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج"، ورواه عبد بن حميد عن محمد بن الفضل عن حماد بن زيد عن عبد الله بن أبي زيد، سمعت ابن الزبير يقرأ.. فذكر مثله سواء، وهكذا فسرها مجاهد، وسعيد بن جبير، وعكرمة، ومنصور بن المعتمر، وقتادة، وإبراهيم النخعي، والربيع بن أنس وغيرهم، وقال الكرماني: قوله: " في مواسم الحج" كلام الراوي ذكره تفسيرا للآية الكريمة، وقال بعضهم: فاته ما زاده المصنف في آخر حديث ابن عيينة في البيوع قرأها ابن عباس. ورواه ابن أبي عمر في مسنده عن ابن عيينة، وقال في آخره: وكذلك كان ابن عباس يقرؤها. انتهى.

                                                                                                                                                                                  (قلت): نعم ذهل الكرماني عن هذا، ولكن قوله: ذكره تفسيرا للآية الكريمة، له وجه؛ لأن مجاهدا ومن ذكرناهم معه فسروها هكذا فجعلوها تفسيرا، ولم يجعلوها قراءة، ومع هذا على تقدير كونها قراءة فهي من القراءة الشاذة، وحكمها عند الأئمة حكم التفسير، وقال أحمد: حدثنا أسباط [ ص: 105 ] أخبرنا الحسن بن عمرو الفقيمي عن أبي أمامة التيمي قال: قلت لابن عمر: إنا نكري فهل لنا من حج؟ قال: أليس تطوفون بالبيت فتأتون المعرف، وترمون الجمار، وتحلقون رؤوسكم؟ قال: قلنا: بلى، فقال ابن عمر: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الذي سألتني عنه فلم يجبه، حتى نزل جبريل عليه الصلاة والسلام بهذه الآية " ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم " فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أنتم حجاج.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية