الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1718 (وقال روح عن شبل عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما: إنما البدل على من نقض حجه بالتلذذ، فأما من حبسه عذر أو غير ذلك فإنه يحل ولا يرجع، وإن كان معه هدي وهو محصر نحره إن كان لا يستطيع أن يبعث به، وإن استطاع أن يبعث به لم يحل حتى يبلغ الهدي محله).

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: (إنما البدل على من نقض حجه)، وروح، بفتح الراء وسكون الواو، ابن عبادة، بضم العين وتخفيف الباء الموحدة، وشبل، بكسر الشين المعجمة، ابن عباد، بفتح العين، المكي تلميذ ابن كثير في القراءة، وكان قدريا، وابن أبي نجيح هو عبد الله بن أبي نجيح، بفتح النون، وقد مر غير مرة.

                                                                                                                                                                                  وهذا التعليق وصله إسحاق بن راهويه في تفسيره عن روح بهذا الإسناد، وهو موقوف على ابن عباس.

                                                                                                                                                                                  قوله: (بالتلذذ)؛ أي: بالجماع. قوله: (عذر) بضم العين وسكون الذال المعجمة، هكذا وقع في رواية الأكثرين، وفي رواية أبي ذر: "عدو" من العداوة. قال الكرماني: العذر الوصف الطارئ على المكلف المناسب للتسهيل عليه، ولعله أراد به هاهنا نوعا منه كالمرض ليصح عطف "أو غير ذلك" عليه، نحو نفاد نفقته أو سرقتها. قوله: (ولا يرجع)؛ أي: ولا يقضي، وهذا في النفل إذ الفريضة باقية في ذمته كما كانت، وعليه أن يرجع لأجلها في سنة أخرى، وقد روي عن ابن عباس نحو هذا رواه ابن جرير من طريق علي بن أبي طلحة عنه، وفيه: " فإن كانت حجة الإسلام فعليه قضاؤها، وإن كانت غير الفريضة فلا قضاء عليه".

                                                                                                                                                                                  قال الكرماني: فإن قلت: ما الفرق بين حج النفل الذي يفسد بالجماع فإنه يجب قضاؤه، والنفل الذي يفوت عنه بسبب الإحصار؟ قلت: ذلك بتقصيره وهذا بدون تقصيره، وعند أبي حنيفة إذا تحلل المحصر لزمه القضاء، سواء كان نفلا أو فرضا، وهذه مسألة اختلاف بين الصحابة ومن بعدهم. فقال الجمهور: يذبح المحصر الهدي حيث يحل سواء كان في الحل أو الحرم، وقال أبو حنيفة: لا يذبحه إلا [ ص: 149 ] في الحرم، وفصل الآخرون كما قاله ابن عباس هنا. فإن قلت: ما سبب الاختلاف في ذلك؟ قلت: منشأ الاختلاف فيه: هل نحر النبي صلى الله عليه وسلم الهدي بالحديبية في الحل أو في الحرم، وكان عطاء يقول: لم ينحر يوم الحديبية إلا في الحرم، ووافقه ابن إسحاق، وقال غيره من أهل المغازي: إنما نحر في الحل، وأبو حنيفة أخذ بقول عطاء، وفي الاستذكار قال عطاء وابن إسحاق: لم ينحر صلى الله عليه وسلم هديه يوم الحديبية إلا في الحرم.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية