الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1831 40 - حدثنا عبدان قال : أخبرنا يزيد بن زريع قال : حدثنا هشام قال : حدثنا ابن سيرين ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إذا نسي فأكل وشرب فليتم صومه ، فإنما أطعمه الله وسقاه .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ورجاله قد مروا غير مرة ، وعبدان لقب عبد الله بن عثمان المروزي ، وهشام هو الدستوائي يروي على محمد بن سيرين ، والحديث أخرجه مسلم من رواية إسماعيل ابن علية ، عن هشام، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة ولفظه : " من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه " وأخرجه أبو داود وقال : حدثنا موسى بن إسماعيل قال : حدثنا حماد ، عن أيوب وحبيب وهشام ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة قال : " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني أكلت وشربت ناسيا وأنا صائم قال : الله أطعمك وسقاك " وأخرجه الترمذي وقال : حدثنا أبو سعيد ، حدثنا أبو خالد الأحمر ، عن حجاج ، عن قتادة ، عن ابن سيرين ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من أكل أو شرب ناسيا فلا يفطر ، فإنما هو رزق رزقه الله " وأخرجه النسائي من رواية عيسى بن يونس ، عن هشام بن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة " إذا أكل الصائم أو شرب ناسيا فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه " وكذلك رواه ابن حبان في صحيحه ، ورواه ابن ماجه من رواية عوف ، عن خلاس ومحمد بن سيرين ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم " من أفطر ناسيا وهو صائم فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه " وروى ابن حبان أيضا من رواية محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من أفطر في شهر رمضان ناسيا فلا قضاء عليه ولا كفارة " وفي رواية الدارقطني من طريق ابن علية ، عن هشام " فإنما هو رزق ساقه الله إليه " وقال الترمذي بعد أن أخرج حديث أبي هريرة : وفي الباب عن أبي سعيد وأم إسحاق فحديث أبي سعيد رواه الدارقطني من رواية الفزاري ، عن عطية ، عن أبي سعيد قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم " من أفطر في شهر رمضان ناسيا فلا قضاء عليه إن الله أطعمه وسقاه " قال الدارقطني : الفزاري هذا هو محمد بن عبيد الله العزرمي . قلت : هو ضعيف ، وحديث أم إسحاق رواه أحمد ، حدثنا عبد الصمد ، حدثنا بشار بن عبد الملك قال : " حدثتني أم حكيم بنت دينار ، عن مولاتها أم إسحاق [ ص: 18 ] أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتي بقصعة من ثريد ، فأكلت معه ومعه ذو اليدين ، فناولها رسول الله صلى الله عليه وسلم عرقا فقال ذو اليدين : يا أم إسحاق أصيبي من هذا ، فذكرت أني كنت صائمة ، فبردت يدي لا أقدمها ولا أؤخرها ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : ما لك ؟ قالت : كنت صائمة فنسيت . فقال ذو اليدين : الآن بعدما شبعت ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أتمي صومك فإنما هو رزق ساقه الله إليك " وبشار بن عبد الملك المزني ضعفه يحيى بن معين ، وأم حكيم اسمها خولة ، قوله : " إذا نسي " أي الصائم . قوله : " فأكل وشرب " ويروى " أو شرب " . قوله : " فليتم صومه " وفي رواية الترمذي " فلا يفطر " قال شيخنا يجوز أن يكون لا في جواب الشرط للنهي ويفطر مجزوما ، ويجوز أن تكون لا نافية ويفطر مرفوعا وهو أولى فإنه لم يرد به النهي عن الإفطار ، وإنما المراد أنه لم يحصل إفطار الناسي بالأكل ، ويكون تقديره من أكل أو شرب ناسيا لم يفطر .

                                                                                                                                                                                  قوله : " فإنما " تعليل لكون الناسي لا يفطر ، ووجه ذلك أن الرزق لما كان من الله ليس فيه للعبد تحيل ، فلا ينسب إليه شبه الأكل ناسيا به ، لأنه لا صنع للعبد فيه ، وإلا فالأكل متعمدا حيث جاز له الفطر رزق من الله تعالى بإجماع العلماء ، وكذلك هو رزق وإن لم يجز له الفطر على مذهب أهل السنة ، وقد يستدل بمفهوم هذا الحديث من يقول بأن الحرام لا يسمى رزقا ، وهو مذهب المعتزلة ، والمسألة مقررة في الأصول ، فإن قلت : كيف وجه الاستدلال بهذا الحديث على أن الأكل والشرب ناسيا لا يوجب شيئا ولا ينقض صومه ؟ قلت : قوله : " فليتم " أمر بالإتمام وسمى الذي يتمه صوما ، والحمل على الحقيقة الشرعية هو الوجه ، ثم لا فرق عندنا وعند الشافعي بين القليل والكثير ، وقال الرافعي : فيه وجهان كالوجهين في بطلان الصلاة بالكلام الكثير ، وحمل بعض الشافعية الحديث على صوم التطوع، حكاه ابن التين عن ابن شعبان ، وكذا قال ابن القصار لأنه لم يقع في الحديث تعيين رمضان ، فيحمل على التطوع ، وقال المهلب وغيره : لم لم يذكر في الحديث إثبات القضاء فيحمل على سقوط الكفارة عنه ، وإثبات عذره ورفع الإثم عنه وبقاء نيته التي بيتها ؟ والجواب عن ذلك كله بما رواه ابن حبان من حديث أبي سلمة عن أبي هريرة المذكور آنفا ، فإن فيه تعيين رمضان ونفي القضاء والكفارة ، فإن قلت : قال الدارقطني : تفرد به محمد بن مرزوق ، عن محمد بن عبد الله الأنصاري . قلت : أخرجه ابن خزيمة أيضا ، عن إبراهيم بن محمد الباهلي ، وأخرجه الحاكم من طريق أبي حازم الرازي كلاهما عن الأنصاري .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية