الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1849 ويذكر عن أبي هريرة مرسلا ، وعن ابن عباس أنه يطعم ، ولم يذكر الله الإطعام إنما قال : فعدة من أيام أخر

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  أشار بصيغة التمريض إلى أن الذي روى عن أبي هريرة حال كونه مرسلا فيمن مرض ، ولم يصم رمضان ، ثم صح فلم يقضه ، حتى جاء رمضان آخر ، فإنه يطعم بعد الصوم ، عن رمضانين ، وأخرجه عبد الرزاق موصولا ، عن ابن جريج ، أخبرني عطاء ، عن أبي هريرة قال : أي إنسان مرض رمضان ثم صح فلم يقضه حتى أدركه رمضان آخر فليصم الذي حدث ثم يقضي الآخر ، ويطعم من كل يوم مسكينا .

                                                                                                                                                                                  قلت لعطاء : كم بلغك يطعم؟ قال : مدا ، زعموا ، وأخرجه عبد الرزاق أيضا ، عن معمر ، عن أبي إسحاق ، عن مجاهد ، عن أبي هريرة نحوه ، وقال فيه " وأطعم عن كل يوم نصف صاع من قمح " ، وأخرج الدارقطني حديث أبي هريرة مرفوعا من طريق مجاهد ، " عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في رجل أفطر في شهر رمضان ثم صح ولم يصم حتى أدركه رمضان آخر قال : يصوم الذي أدركه ثم يصوم الشهر الذي أفطر فيه ويطعم مكان كل يوم مسكينا " . وفي إسناده إبراهيم بن نافع وعمر بن موسى بن وجيه. قال الدارقطني : هما ضعيفان ، وقد ذكر البرديجي أن مجاهدا لم يسمع من أبي هريرة ، فلهذا سماه البخاري مرسلا .

                                                                                                                                                                                  قوله : " وابن عباس " ، أي ويروى أيضا عن ابن عباس أنه يطعم ، ووصله سعيد بن منصور ، عن هشيم ، والدارقطني من طريق ابن عيينة ، كلاهما عن يونس بن أبي إسحاق ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : " من فرط في صيام شهر رمضان حتى أدركه رمضان آخر فليصم هذا الذي أدركه ثم ليصم ما فاته ويطعم مع كل يوم مسكينا " ، قيل : عطف ابن عباس على أبي هريرة يقتضي أن يكون المذكور عن ابن عباس أيضا مرسلا .

                                                                                                                                                                                  وأجيب بالخلاف في أن القيد في المعطوف عليه هل هو قيد في المعطوف أم لا ؟ فقيل : ليس بقيد ، والأصح اشتراكهما ، وكذلك الأصوليون اختلفوا في أن عطف المطلق على المقيد هل هو مقيد للمطلق أم لا ؟

                                                                                                                                                                                  قوله : " ولم يذكر الله الإطعام " ، إلى آخره من كلام البخاري ، إنما قال ذلك لأن النص ساكت عن الإطعام ، وهو الفدية لتأخير القضاء ، وظن بعضهم أنه بقية كلام إبراهيم النخعي ، وهو وهم ؛ فإنه مفصول من كلامه بأثر أبي هريرة وابن عباس ، ثم إن البخاري استدل فيما قاله بقوله تعالى فعدة من أيام أخر ولا يتم استدلاله بذلك ؛ لأنه لا يلزم من عدم ذكره في الكتاب أن لا يثبت بالسنة ؛ فقد جاء عن [ ص: 55 ] جماعة من الصحابة الإطعام ، منهم أبو هريرة وابن عباس ، كما ذكر ، ومنهم عمر بن الخطاب ذكره عبد الرزاق ، ونقل الطحاوي عن يحيى بن أكثم ، قال : وجدته عن ستة من الصحابة لا أعلم لهم فيه مخالفا . انتهى . وهو قول الجمهور ، وخالف في ذلك إبراهيم النخعي ، وأبو حنيفة وأصحابه ، ومال الطحاوي إلى قول الجمهور في ذلك ، وقال البيهقي : وروينا عن ابن عمر وأبي هريرة في الذي لم يصم حتى أدرك رمضان ، يطعم ولا قضاء عليه ، وعن الحسن وطاوس والنخعي : يقضي ولا كفارة عليه .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية