الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  1860 [ ص: 71 ] ومن قال ليس في الليل صيام لقوله تعالى : ثم أتموا الصيام إلى الليل ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه رحمة لهم وإبقاء عليهم ، وما يكره من التعمق .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  كل هذا من الترجمة ، وهي تشتمل على ثلاثة فصول :

                                                                                                                                                                                  الأول : قوله ( ومن قال ) وهو في محل الجر عطفا على لفظ الوصال ، تقديره : وباب في بيان من قال ليس في الليل صيام يعني الليل ليس محلا للصوم ؛ لأن الله تعالى جعل حد الصوم إلى الليل ، فلا يدخل في حكم ما قبله ، واستدل عليه بقوله تعالى : ثم أتموا الصيام إلى الليل وقد ورد فيه حديث مرفوع رواه أبو سعيد الخير : إن الله لم يكتب الصيام بالليل ، فمن صام فقد بغى ، ولا أجر له . أخرجه ابن السكن ، وغيره من الصحابة ، والدولابي ، وغيره في ( الكنى ) ، كلهم من طريق أبي فروة الرهاوي ، عن معقل الكندي ، عن عبادة بن نسي عنه ، وقال ابن منده : غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ، وقال الترمذي : سألت البخاري عنه فقال : ما أرى عبادة سمع من أبي سعيد الخير ، وقال شيخنا زين الدين : حديث أبي سعيد الخير لم أقف عليه . وقد اختلف في صحبته ، فقال أبو داود : أبو سعيد الخير صحابي روى عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                  وروى عنه قيس بن الحارث الكندي ، وفراس الشعباني ، وقال شيخنا : وروى عنه ممن لم يذكره يونس بن حليس ، ومهاجر بن دينار ، وابن لأبي سعيد الخير غير مسمى ، وذكره الطبراني في الصحابة ، وروى له خمسة أحاديث ، وقيل : هو أبو سعيد الخير بزيادة ياء آخر الحروف ، وهكذا ذكر أبو أحمد الحاكم في ( الكنى ) ، فقال : سعيد الخير له صحبة مع النبي صلى الله عليه وسلم ، حديثه في أهل الشام ، وقال الحافظ الذهبي في ( تجريد الصحابة ) : أبو سعيد الخير الأنماري ، وقيل : أبو سعيد الخير اسمه عامر بن سعد شامي له في الشفاعة ، وفي الوضوء ، روى عنه قيس بن الحارث ، وعبادة بن نسي ، وقال أبو أحمد الحاكم بعد أن روى له حديثا قال : أبو سعيد الأنماري ، ويقال : أبو سعيد الخير له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم قال : ولست أحفظ له اسما ولا نسبا إلى أقصى أبا ، فجعلهما اثنين ، وجمع الطبراني بين الترجمتين فجعلهما ترجمة واحدة ، وقال شيخنا : وقد قيل : إن أبا سعيد الخير هو أبو سعيد الحبراني الحمصي الذي روى عن أبي هريرة ، وروى عنه حصين الحبراني ، وعلى هذا فهو تابعي ، وهكذا ذكره العجلي في ( الثقات ) ، فقال : شامي تابعي ثقة ، وكذا ذكره ابن حبان في ( الثقات ) التابعين ، واختلف في اسمه ، فيقال : اسمه زياد ، ويقال : عامر بن سعد ، قال الحافظ المزي : وأراهما اثنين ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                  الفصل الثاني : قوله ( ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه ) أي : عن الوصال ، وهذا التعليق وصله البخاري من حديث عائشة رضي الله تعالى عنها بلفظ : نهى النبي صلى الله عليه وسلم رحمة لهم على ما يأتي عن قريب إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                  قوله ( وإبقاء عليهم ) أي : على الأمة ، وأراد حفظا لهم في بقاء أبدانهم على قوتها .

                                                                                                                                                                                  وروى أبو داود ، وغيره من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى ، عن رجل من الصحابة قال : نهى النبي صلى الله تعالى عليه وسلم عن الحجامة والمواصلة ، ولم يحرمهما إبقاء على أصحابه ، وإسناده صحيح .

                                                                                                                                                                                  الفصل الثالث : قوله ( وما يكره من التعمق ) قال الكرماني : هو عطف إما على الضمير المجرور ، وإما على قوله ( رحمة ) أي : لكراهة التعمق ، وهو تكلف ما لم يكلف ، وعمق الوادي قعره ، وقيل : وما يكره من التعمق من كلام البخاري معطوف على قوله ( الوصال ) أي : باب ذكر الوصال وذكر ما يكره من التعمق ، وقد روى البخاري في كتاب التمني من طريق ثابت بن قيس ، عن أنس في قصة الوصال ، فقال صلى الله تعالى عليه وسلم : لو مد بي الشهر لواصلت وصالا يدع المتعمقون تعمقهم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية