الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  181 ( وقال منصور عن إبراهيم : لا بأس بالقراءة في الحمام وبكتب الرسالة على غير وضوء ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  منصور هو ابن المعتمر السلمي الكوفي تقدم في باب من جعل لأهل العلم أياما وإبراهيم هو ابن يزيد النخعي الكوفي القعنبي ، مر في باب ظلم دون ظلم ، وهذا التعليق وصله سعيد بن منصور ، عن أبي عوانة ، عن منصور مثله .

                                                                                                                                                                                  وروى عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن منصور قال : سألت إبراهيم عن القراءة في الحمام فقال : لم يبن للقراءة وقال بعضهم : هذا يخالف رواية أبي عوانة قلت : لا مخالفة بينهما; لأن قولهم : لم يبن للقراءة إخبار بما هو الواقع في نفسه ، فلا يدل على الكراهة ولا على عدمها ، أو نقول عن إبراهيم روايتان في رواية يكره ، وفي رواية لا يكره .

                                                                                                                                                                                  وقد روى سعيد بن منصور أيضا عن محمد بن أبان ، عن حماد بن أبي سليمان قال : سألت إبراهيم عن القراءة في الحمام فقال : يكره ذلك ، فإن قلت : لم ذكر البخاري الأثر الذي فيه ذكر الحمام والتبويب أعم من هذا؟ قلت : لأن الغالب أن أهل الحمام أصحاب الأحداث .

                                                                                                                                                                                  واختلفوا في قراءة القرآن في الحمام ، فعن أبي حنيفة أنه يكره ، وعن محمد بن الحسن أنه لا يكره . وبه قال مالك وقال بعضهم : لأنه ليس فيه دليل خاص قلت : إنما كره أبو حنيفة قراءة القرآن في الحمام; لأن حكمه حكم بيت الخلاء; لأنه موضع النجاسة والماء المستعمل في الحمام نجس عنده ، وعند محمد طاهر فلذلك لم يكرهها .

                                                                                                                                                                                  قوله : "وبكتب الرسالة" أي : وبكتابة الرسالة لأن الكتب مصدر دخلت عليه الباء حرف الجر وهو معطوف على قوله : "لا بأس بالقراءة" والتقدير ولا بأس بكتب الرسالة على غير وضوء ، وهذه في رواية كريمة ، وفي رواية غيرها ويكتب الرسالة على صيغة المجهول من المضارع ، والوجه الأول أوجه وهذا الأثر وصله عبد الرزاق ، عن الثوري أيضا ، عن منصور قال : سألت إبراهيم أأكتب الرسالة على غير وضوء؟ قال : نعم وقال بعضهم : وتبين بهذا أن قوله : "على غير وضوء" يتعلق بالكتابة لا بالقراءة في الحمام قلت : لا نسلم ذلك ، فإن قوله : "وبكتب الرسالة" على الوجهين يتعلق على قوله : "بالقراءة" . وقوله : "وعلى غير وضوء" يتعلق بالمعطوف والمعطوف عليه لأنهما كشيء واحد .

                                                                                                                                                                                  وقال أصحابنا : يكره للجنب أو الحائض أن يكتب الكتاب الذي في بعض سطوره آية من القرآن وإن كانا لا يقرآن شيئا; لأنهما منهيان عن مس القرآن ، وفي الكتابة مس لأنه يكتب بالقلم وهو في يده وهو صورة المس . وفي المحيط لا بأس لهما بكتابة المصحف إذا كانت الصحيفة على الأرض عند أبي يوسف; لأنه لا يمس القرآن بيده وإنما يكتب حرفا فحرفا وليس الحرف الواحد بقرآن .

                                                                                                                                                                                  وقال محمد : أحب إلي أن لا يكتب لأنه في الحكم ماس للحروف وهي بكليتها قرآن ، ومشايخ بخارى أخذوا بقول محمد كذا في الذخيرة .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية