الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  2010 67 - وقال الحميدي: حدثنا سفيان قال: حدثنا عمرو عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فكنت على بكر صعب لعمر، فكان يغلبني فيتقدم أمام القوم، فيزجره عمر ويرده، ثم يتقدم، فيزجره عمر ويرده، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لعمر: بعنيه، قال: هو لك يا رسول الله، قال: بعنيه، فباعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: هو لك يا عبد الله بن عمر تصنع به ما شئت.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: "فباعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم" إلى آخره، فإنه - صلى الله عليه وسلم - اشترى ذلك البكر فوهبه لعبد الله بن عمر من ساعته.

                                                                                                                                                                                  ورجاله أربعة:

                                                                                                                                                                                  الأول: الحميدي بضم الحاء المهملة، هو عبد الله بن الزبير بن عيسى، وقد مر غير مرة. وسفيان هو ابن عيينة.

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في الهبة عن عبد الله بن محمد.

                                                                                                                                                                                  قوله: "قال الحميدي" تعليق، وبه جزم الإسماعيلي، وأبو نعيم. وفي رواية ابن عساكر بإسناد البخاري: "قال لنا الحميدي" وتعليق الحميدي روى البخاري منه قطعة في "باب: من أهدي له هدية وعنده جلساؤه" فقال: حدثنا عبد الله بن محمد، حدثنا ابن عيينة. وأخرجه الإسماعيلي من حديث ابن أبي عمر، وهارون عنه. وأخرجه أبو نعيم من حديث بشر بن موسى عنه.

                                                                                                                                                                                  قوله: "في سفر" لم يدر أي سفر كان.

                                                                                                                                                                                  قوله: "على بكر" بفتح الباء الموحدة وسكون الكاف: ولد الناقة أول ما يركب، وقال ابن الأثير: البكر - بالفتح - الفتي من الإبل بمنزلة الغلام من الناس، والأنثى بكرة.

                                                                                                                                                                                  قوله: "صعب " صفة "بكر" وأراد به النفور; لأنه لم يذلل بالركوب.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فكان" إلى قوله: "فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -" بيان لصعوبة هذا البكر؛ فلذلك ذكره بالفاء.

                                                                                                                                                                                  قوله: "فباعه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" وفي الهبة "فاشتراه النبي - صلى الله عليه وسلم -".

                                                                                                                                                                                  قوله: "ما شئت " يعني من التصرفات.

                                                                                                                                                                                  (ذكر ما يستفاد منه): فيه حجة لمن يقول: الافتراق بالكلام، ألا ترى أن سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهب الجمل من ساعته لابن عمر قبل التفرق؟! ولو لم يكن الجمل له لما وهبه حتى يهب له بافتراق الأبدان.

                                                                                                                                                                                  وفيه ما كانت الصحابة عليه من توقيرهم النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وأن لا يتقدموه في المشي.

                                                                                                                                                                                  وفيه جواز زجر الدواب.

                                                                                                                                                                                  وفيه أنه لا يشترط في البيع عرض صاحب السلعة سلعته، بل يجوز أن يسأل في بيعها.

                                                                                                                                                                                  وفيه جواز التصرف في المبيع قبل بذل الثمن.

                                                                                                                                                                                  وفيه مراعاة النبي صلى الله تعالى عليه وسلم أحوال أصحابه، وحرصه على ما يدخل عليهم السرور، وبه احتج محمد فيما إذا وهب المبيع قبل القبض أو تصدق به ورهنه من غير البائع، وهو الأصح، خلافا لأبي يوسف، ولو وهبه من البائع قبل القبض فقبله البائع انتقض البيع، ولو باعه منه لم يصح هذا البيع ولم ينتقض البيع الأول; لأن الهبة مجاز عن الإقالة بخلاف البيع، وإن كاتب العبد المبيع قبل القبض توقفت كتابته، وكان للبائع حبسه بالثمن، وإن نقد الثمن نفذت الكتابة.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية