الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  197 63 - حدثنا مسدد قال : حدثنا حماد ، عن ثابت ، عن أنس : أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بإناء من ماء ، فأتي بقدح رحراح فيه شيء من ماء ، فوضع أصابعه فيه ، قال أنس : فجعلت أنظر إلى الماء ينبع من بين أصابعه ، قال أنس : فحزرت من توضأ منه ما بين السبعين إلى الثمانين .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة غير ظاهرة ; لأن الترجمة : باب الوضوء من التور ، اللهم إلا إذا أطلق اسم التور على القدح .

                                                                                                                                                                                  بيان رجاله :

                                                                                                                                                                                  وهم أربعة : الأول : مسدد بن مسرهد .

                                                                                                                                                                                  الثاني : حماد بن زيد ، تقدم كلاهما .

                                                                                                                                                                                  فإن قلت : فلم لا يجوز أن يكون حماد هذا هو حماد بن سلمة ؟ قلت : لأن مسددا لم يسمع من حماد بن سلمة .

                                                                                                                                                                                  الثالث : ثابت البناني بضم الباء الموحدة وبالنونين ، مر في باب القراءة والعرض .

                                                                                                                                                                                  الرابع : أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه .

                                                                                                                                                                                  بيان لطائف إسناده : منها أن فيه التحديث بصيغة الجمع ، والعنعنة .

                                                                                                                                                                                  ومنها : أن رواته كلهم بصريون ، ومنها : أنهم كلهم أئمة أجلاء .

                                                                                                                                                                                  بيان من أخرجه غيره :

                                                                                                                                                                                  أخرجه مسلم في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي الربيع الزهراني .

                                                                                                                                                                                  بيان المعنى :

                                                                                                                                                                                  قوله ( رحراح ) بفتح الراء ، وبالحاءين المهملتين ، أي واسع ، ويقال : رحرح أيضا بحذف الألف .

                                                                                                                                                                                  وقال الخطابي : الرحراح الإناء الواسع الفم القريب القعر ، ومثله لا يسع الماء الكثير ، فهو أدل على المعجزة .

                                                                                                                                                                                  وروى ابن خزيمة هذا الحديث ، عن أحمد بن عبدة ، عن حماد بن زيد ، فقال بدل رحراح : زجاج ، بزاي مضمومة وجيمين ، [ ص: 94 ] وبوب عليه : الوضوء من آنية الزجاج ، وفي مسنده ، عن ابن عباس : أن المقوقس أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم قدحا من زجاج . لكن في إسناده مقال . قوله ( فيه شيء من ماء ) أي قليل من ماء ; لأن التنوين للتقليل ، ومن للتبعيض .

                                                                                                                                                                                  قوله ( ينبع ) يجوز فيه فتح الباء الموحدة ، وضمها ، وكسرها .

                                                                                                                                                                                  قوله ( فحزرت ) من الحزر بتقديم الزاي على الراء ، وهو الخرص والتقدير .

                                                                                                                                                                                  قوله ( من توضأ ) في محل النصب على المفعولية .

                                                                                                                                                                                  قوله ( ما بين السبعين إلى الثمانين ) حال من قوله ( من ) ، وتقدم من رواية حميد أنهم كانوا ثمانين وزيادة ، والجمع بينهما أن أنسا لم يكن يضبط العدة ، بل كان يتحقق أنها تنيف على السبعين ، ويشك هل بلغت العقد الثامن أو جاوزته ، كذا قال بعضهم : وقال الكرماني : ورد أيضا عن جابر ثمة : كنا خمسة عشر ومائة . وهذه قضايا متعددة في مواطن مختلفة ، وأحوال متغايرة ، وهذا أوجه من ذاك ، ويستفاد من هذا بلاغة معجزته صلى الله عليه وسلم ، وهو أبلغ من تفجير الماء من الحجر لموسى عليه الصلاة والسلام ; لأن في طبع الحجارة أن يخرج منها الماء الغدق الكثير ، وليس ذلك في طباع أعضاء بني آدم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية