الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
5065 - (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وانسكوا لها فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين، فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا) (حم ن) عن رجال من الصحابة

التالي السابق


(صوموا لرؤيته) قال الطيبي : اللام للوقت كما في قوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس ؛ أي: وقت دلوكها (وأفطروا لرؤيته وانسكوا لها فإن غم عليكم) بضم المعجمة؛ أي: حال بينكم وبين الهلال غيم (فأتموا الثلاثين) إذ الأصل بقاء الشهر (فإن شهد شاهدان مسلمان) برؤية الهلال لرمضان وشوال (فصوموا وأفطروا) تمسك به من لم يوجب الصيام إلا بشاهدين، قال الزمخشري : في "غم" ضمير للهلال؛ أي: إن غطي بغيم أو بغيره، من غممت الشيء إذا غطيته ويجوز كونه مسندا إلى الظرف؛ أي: فإن كنتم مغموما عليكم فصوموا، وترك ذكر الهلال للاستغناء عنه، كما تقول: دفع إلى زيد، إذا استغني عن ذكر المدفوع [تنبيه] أخذ أحمد من الحديث أن شهادة الشاهد في الصحو لا تقبل بل يكمل العدد فإن غم يدل على وجود الغيم بمطلع الهلال، ولقوله في الرواية الأخرى: فاقدروا له قدره فإن قوله فاقدروا يدل على التضييق ولا يجوز حمله على قدر رمضان؛ لأنه كامل فحمله عليه نسخ، ولا على التدبر والتأمل؛ لأنه لم يجئ له إلا مشدد العين ولا يجوز حمله على قوله: (إنا أمة أمية، الشهر هكذا وهكذا وعقد الإبهام في الثالثة) يعني تسعة وعشرين ثم قال الشهر هكذا وهكذا وهكذا يعني ثلاثين يعني أن الشهر تام، والشهر ناقص وقال الشهران لا ينقصان، ورد الأول بأن المراد من "غم" ستر لون الهلال وسرعة دخوله في الشعاع أو الشك في العدد فإنه يقدر حينئذ ولا يلزم كون الضمير عائدا إلى الهلال؛ إذ المراد قدر رمضان، وذلك باستكمال شعبان لقوله فأكملوا عدة شعبان ثلاثين؛ لأنه ناقص وقدره يستلزم جعله ثمانية وعشرين ولا قائل به، ونسخ فأكملوا الأصل عدمه، والثاني بالمنع لوجوب حمله على قدر رمضان أنه بإكمال شعبان وإلا لزم كونه ثمانية وعشرين، والثالث بالمنع؛ لأنه جاء للتقدير والتدبر والتأمل، والمثبت أولى والشهادة على العدم مردودة، والرابع يحمل على أنا أمة أمية؛ لأنه ناقص بيانا، والخامس بأنه يدل [ ص: 215 ] على أن أحدهما ينقص أو يحمل على الغالب؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - صام تسعة وعشرين، أو على الثواب، أو إذا رأى قبل الإكمال، والسادس بأنه حيث لا نص، ثم دليلنا خير، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين

(حم ن عن رجال من الصحابة)



الخدمات العلمية