الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
619 - " إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها؛ فليبصق عن يساره ثلاثا؛ وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثا؛ وليتحول عن جنبه الذي كان عليه " ؛ (م د هـ) ؛ عن جابر .

التالي السابق


(إذا رأى أحدكم) ؛ في منامه؛ (الرؤيا يكرهها) ؛ الجملة صفة للرؤيا؛ أو حال منها؛ قال القاضي: و" الرؤيا" : انطباع الصورة المنحدرة عن أفق المتخيلة إلى الحس المشترك؛ الصادقة منها إنما تكون باتصال النفس بالملكوت؛ لما بينهما من التناسب عند فراغها من تدبير البدن؛ أو في فراغ؛ فيتصور ما فيها مما يليق من المعاني الحاصلة هناك؛ ثم إن المتخيلة تحاكيه بصورة متناسبة؛ فيرسلها إلى الحس المشترك؛ فتصير مشاهدة؛ ثم إن كانت شديدة المناسبة بذلك المعنى؛ بحيث لا يكون التفاوت إلا بأدنى شيء؛ استغنت عن التعبير؛ وإلا احتاجت؛ (فليبصق) ؛ بالصاد؛ ويقال: بسين؛ وبزاي؛ (عن يساره) ؛ أي: عن جانبه الأيسر؛ (ثلاثا) ؛ كراهة لما رأى؛ وتحقيرا للشيطان الذي حضرها؛ واستقذارا له؛ وخص اليسار لأنه محل الأقذار والمكروهات؛ والتثليث للتأكيد؛ (وليستعذ بالله) ؛ بجمع همة؛ وحضور قلب؛ وصفاء باطن؛ وصحة توجه؛ فلا يكفي إمرار الاستعاذة باللسان؛ كما أشار إليه بعض الأعيان؛ (من الشيطان) ؛ الرجيم؛ (ثلاثا) ؛ بأن يقول: أعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم؛ ومن شرها؛ لأنها بواسطته؛ (وليتحول) ؛ أي: ينتقل؛ (عن جنبه الذي كان) ؛ مضطجعا؛ (عليه) ؛ حين رأى ذلك؛ تفاؤلا بتحول تلك الحالة؛ ومجانبة لمكانه؛ ولهذا أمر الناعس يوم الجمعة بالتحول؛ و" التحول" : التنقل من شيء إلى غيره؛ و" الجنب" : ما تحت الإبط إلى الكشح؛ قال الراغب : وأصله: الجارحة؛ ثم يستعار في الناحية التي تليها؛ كعادتهم في استعارة سائر الجوارح لذلك؛ نحو اليمين؛ والشمال.

(تنبيه) : قال ابن حجر: ورد في صفة التعوذ من شر الرؤيا أثر صحيح؛ [ ص: 350 ] أخرجه سعيد بن منصور ؛ وابن أبي شيبة ؛ وعبد الرزاق ؛ بأسانيد صحيحة عن النخعي : " إذا رأى أحدكم في منامه ما يكره؛ فليقل إذا استيقظ: أعوذ بما عاذت به ملائكة الله ورسله من شر رؤياي هذه أن يصيبني منها ما أكره في ديني؛ ودنياي" .

(م د هـ عن جابر ) ؛ ورواه عنه أيضا النسائي .



الخدمات العلمية