الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
6757 - كان إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: استغفروا الله لأخيكم، وسلوا له التثبيت؛ فإنه الآن يسأل - د) عن عثمان - ح).

التالي السابق


(كان إذا فرغ من دفن الميت) أي: المسلم. قال الطيبي : والتعريف للجنس وهو قريب من النكرات. (وقف عليه) أي: على قبره هو وأصحابه صفوفا (فقال: استغفروا لأخيكم) في الإسلام (وسلوا له التثبيت) أي اطلبوا له من الله تعالى أن يثبت لسانه وجنانه لجواب الملكين. قال الطيبي : ضمن سلوا معنى الدعاء، كما في قوله تعالى: سأل سائل أي ادعوا الله له بدعاء التثبيت، أي قولوا: ثبته الله بالقول الثابت؛ (فإنه) الذي رأيته في أصول صحيحة قديمة من أبي داود بدل هذا: ثم سلوا له التثبيت (فهو الآن يسأل) أي يسأله الملكان منكر ونكير، فهو أحوج ما كان إلى الاستغفار؛ وذلك لكمال رحمته بأمته ونظره إلى الإحسان إلى ميتهم ومعاملته بما ينفعه في قبره ويوم معاده. قال الحكيم : الوقوف على القبر وسؤال التثبيت للميت المؤمن في وقت دفنه مدد للميت بعد الصلاة؛ لأن الصلاة بجماعة المؤمنين كالعسكر له اجتمعوا بباب الملك يشفعون له، والوقوف على القبر بسؤال التثبيت مدد العسكر، وتلك ساعة شغل المؤمن؛ لأنه يستقبله هول المطلع والسؤال وفتنته فيأتيه منكر ونكير وخلقهما لا يشبه خلق الآدميين ولا الملائكة ولا الطير ولا البهائم ولا الهوام بل خلق بديع، وليس في خلقهما أنس للناظرين جعلهما الله مكرمة للمؤمن لتثبته ونصرته وهتكا لستر المنافق في البرزخ من قبل أن يبعث حتى يحل عليه العذاب، وإنما كان مكرمة للمؤمن؛ لأن العدو لم ينقطع طمعه بعد فهو يتخلل السبيل إلى أن يجيء إليه في البرزخ ولو لم يكن للشيطان عليه سبيل هناك ما أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالدعاء بالتثبيت. وقال النووي : قال الشافعي والأصحاب: يسن عقب دفنه أن يقرأ عنده من القرآن فإن ختموا القرآن كله فهو أحسن، قال: ويندب أن يقرأ على القبر بعد الدفن أول البقرة وخاتمتها، وقال المظهر : فيه دليل على أن [ ص: 152 ] الدعاء نافع للميت، وليس فيه دلالة على التلقين عند الدفن كما هو العادة، لكن قال النووي : اتفق كثير من أصحابنا على ندبه. قال الآجري في النصيحة: يسن الوقوف بعد الدفن قليلا والدعاء للميت مستقبل وجهه بالثبات، فيقال: اللهم هذا عبدك وأنت أعلم به منا ولا نعلم منه إلا خيرا وقد أجلسته تسأله، اللهم فثبته بالقول الثابت في الآخرة كما ثبته في الدنيا، اللهم ارحمه، وألحقه بنبيه، ولا تضلنا بعده، ولا تحرمنا أجره. اهـ.

(د عن عثمان) بن عفان سكت عليه أبو داود ، وأقره المنذري ، ومن ثم رمز المصنف لحسنه، لكن ظاهر كلامه أنه لم يره لغير أبي داود ، مع أن الحاكم والبزار خرجاه باللفظ المزبور عن عثمان . قال البزار : ولا يروى عن النبي (صلى الله عليه وسلم) إلا من هذا الوجه.




الخدمات العلمية