الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
7466 - لو كان القرآن في إهاب ما أكلته النار (طب) عن عقبة بن عامر وعن عصمة بن مالك. (ض) [ ص: 324 ]

التالي السابق


[ ص: 324 ] (لو كان القرآن في إهاب ما أكلته النار) وفي رواية: ما مسته النار ، أي لو صور القرآن وجعل في إهاب وألقي في النار ، ما مسته ولا أحرقته ببركته ، فكيف بالمؤمن المواظب لقراءته ولتلاوته ؟ واللام في "النار" للجنس ، والأولى جعلها للعهد ، والمراد بها نار جهنم ، أو النار التي تطلع على الأفئدة ، أو النار التي وقودها الناس والحجارة ، ذكره القاضي ، وقيل: هذا كان معجزة للقرآن في زمنه كما تكون الآيات في عصر الأنبياء ، وقيل المعنى: من علمه الله القرآن لم تحرقه نار الآخرة ، فجعل جسم حافظ القرآن كإهاب له ، وقال التوربشتي: إنما ضرب المثل بالإهاب ، وهو جلد لم يدبغ ، لأن الفساد إليه أسرع ، ولفح النار فيه أنفذ ، ليبسه وجفافه ، بخلاف المدبوغ للينه ، والمعنى: لو قدر أن يكون في إهاب ما مسته النار ببركة مجاورته للقرآن ، فكيف بمؤمن تولى حفظه والمواظبة عليه ؟ والمراد نار الله الموقدة المميزة بين الحق والباطل ، قال الطيبي: وتحريره أن التمثيل وارد على المبالغة والفرض ، كما في قوله قل لو كان البحر مدادا أي ينبغي ويحق أن القرآن لو كان في مثل هذا الشيء الحقير الذي لا يؤبه به ويلقى في النار ما مسته ، فكيف بالمؤمن الذي هو أكرم خلق الله وقد وعاه في صدره ، وتفكر في معانيه ، وعمل بما فيه ، كيف تمسه فضلا عن أن تحرقه ؟ وقال الحكيم: القرآن كلام الله ، ليس بجسم ولا عرض ، فلا يحل بمحل وإنما يحل في الصحف ، والإهاب: المداد الذي تصور به الحروف المحكي بها القرآن ، فالإهاب المكتوبة فيه إن مسته النار فإنما تمس الإهاب والمداد دون المكتوب الذي هو القرآن ، لو جاز حلول القرآن في محل ، ثم حل الإهاب لم تمس الإهاب النار ، وفائدة الخبر حفظ مواضع الشكوك من الناس عند احتراق مصحف وما كتب فيها قرآن ، فيستعظمون إحراقه ويدخلهم الشك ، ويمكن رجوع معناه إلى النار الكبرى ، لتعريفه إياها بأل ، كأن يقول: لو كان القرآن في إهاب لم تمس نار جهنم ذلك الإهاب ، يعني الإهاب الذي لا خطر له ولا قيمة إن جعل فيه القرآن - بمعنى الكتابة ، والإهاب موات لا يعرف ما فيه - لم تمسه نار جهنم إجلالا له ، فكيف تمس النار مؤمنا هو أجل قدرا عند الله من الدنيا وما فيها ؟ وقد يكون ذكر الإهاب للتمثيل ، أي أن الإهاب - وهو جلد - إذا لم تحرقه النار لحرمة القرآن ، والمؤمن إذا لم تطهره التوبة من الأرجاس ، لم تدبغه الرياضة ولا أصلحته السياسة ، فيرد على الله بأخلاق البشرية وأدناس الإنسانية

(طب عن عقبة بن عامر) الجهني (وعن عصمة بن مالك) معا ، قال الهيثمي: فيه عبد الوهاب بن الضحاك وهو متروك اه. وقضية تصرف المصنف أنه لم يخرجه أشهر ولا أعلى من الطبراني ، وكأنه ذهول ، فقد خرجه الإمام أحمد عن عقبة ، ورواه عن عقبة أيضا الدارمي. قال الحافظ العراقي: وفيه ابن لهيعة ، وابن عدي والبيهقي في الشعب عن عصمة المذكور ، وابن عدي عن سهل بن سعد. قال العراقي: وسنده ضعيف ، وقال ابن القطان: فيه من كان يلقن ، وقال الصدر المناوي: فيه عند أحمد ابن لهيعة عن مشرح بن عاهان ، ولا يحتج بحديثهما عن عقبة اه. لكنه يتقوى بتعدد طرقه ، فقد رواه أيضا عن حبان عن سهل بن سعد ، ورواه البغوي في شرح السنة وغيره.



الخدمات العلمية