الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
7532 - ليأتين على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل ، حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك ، وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين ملة ، كلهم في النار إلا ملة واحدة: ما أنا عليه وأصحابي (ت) عن ابن عمرو . (ض)

التالي السابق


(ليأتين على أمتي) قال القاضي: إما أمة الدعوة ، فيندرج فيه جميع أرباب الملل والنحل الذين ليسوا على [ ص: 347 ] قبلتنا ، أو أمة الإجابة ، والمراد بالملل الثلاث والسبعين: مذاهب أهل القبلة ، وقال الطيبي : عدى "يأتين" بــ "على" لمعنى الغلبة المؤدية للهلاك (ما أتى) لفظ رواية الترمذي : كما أتى. قال بعض شراحه: والكاف في قوله "كما أتى" اسمية كما في قوله: " ويضحكن عن كالبرد المنهم " إذ هي بمعنى "مثل" ، ومحله من الإعراب رفع لأنه فاعل "ليأتين على أمتي" مثل الذي أتى (على بني إسرائيل حذو) بالنصب على المصدر لفعل محذوف يدل عليه "كما أتى" ، أي يحذو أمتي حذو بني إسرائيل (النعل بالنعل) الحذو بحاء مهملة وذال معجمة: القطع ، وحذوت النعل بالنعل: قدرت كل واحدة على صاحبتها وقطعتها. قالالطيبي : و "حذو النعل بالنعل" استعارة في التساوي ، وقال ابن جرير : يعني أن أمته سيتبعون آثار من قبلهم من الأمم مثلا بمثل ، كما يقدر الحذاء طاقة النعل التي يركب عليها طاقات أخرى ، حتى يكون بعضها مساويا بعضا متحاذيات غير مخالفات بلا اعوجاج ، فهكذا هذه الأمة في مشابهتهم من قبلهم من الأمم فيما عملوا به في أديانهم ، وأحدثوا فيها من البدع والضلالات يسلكون سبيلهم (حتى إن كان منهم من أتى أمه علانية) أي جهارا (لكان) قال الطيبي : اللام فيه جواب "إن" على تأويل "لو" ، كما أن "لو" تأتي بمعنى "إن" ، و "حتى" هي الداخلة على الجملة الشرطية (في أمتي من يصنع ذلك) ولا بد (وإن بني إسرائيل تفرقت على ثنتين وسبعين ملة ، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين) قال ابن تيمية : وهذا الافتراق مشهور عن المصطفى صلى الله عليه وسلم من حديث جمع جم من الصحابة ، قال الطيبي : الملة في الأصل: ما شرعه الله لعباده ليتوصلوا به إلى جوار الله ، ويستعمل في جملة الشرائع دون آحادها ، ثم اتسعت فاستعملت في الملل الباطلة ، فقيل: الكفر كله ملة واحدة ، والمعنى أنهم يفترقون فرقا تتدين كل واحدة منها بخلاف ما تتدين بها الأخرى ، فتسمى طريقتهم ملة مجازا ، وقال بعضهم: هذا الاختلاف في الأصول ، وأما اختلاف الرحمة فهو في الفروع ، واختلف العلماء فقال بعضهم: لم تتكامل هذه الفرق إلى الآن ، وإنما وجد بعضها ، وقال بعضهم وهو من يتبع التواريخ: وجدت بتمامها ، فعشرون منهم الروافض ، وعشرون الخوارج ، وعشرون القدرية ، أي المعتزلة ، وسبع المرجئة ، وفرقة البخارية ، وفرقة الضرارية ، وفرقة الجهمية ، وفرقة كرامية خراسان ، وفرقة الفكرية ، وفرقة المشبهة ، فهؤلاء اثنتان وسبعون ، والثالثة والسبعون الناجية (كلهم في النار) أي متعرضون لما يدخلهم النار من الأفعال القبيحة (إلا ملة واحدة) أي أهل ملة واحدة ، فقيل له: من هي ؟ قال (ما أنا عليه) من العقائد الحقة والطرائق القويمة (وأصحابي) فالناجي من تمسك بهديهم واقتفى أثرهم واقتدى بسيرهم في الأصول والفروع ، قال ابن تيمية : أخبر عليه الصلاة والسلام بافتراق أمته على ثلاث وسبعين فرقة ، واثنتان وسبعون لا ريب أنهم الذين منهم في آية وخضتم كالذي خاضوا ثم هذا الاختلاف المخبر عنه إما في الدين فقط ، أو في الدين والدنيا ، ثم قد يؤول إلى الدنيا ، وقد يكون في الدنيا فقط

(ت) في الإيمان (عن ابن عمرو) بن العاص وقال: غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه اه. قال الصدر المناوي : وفيه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي، قال الذهبي : ضعفوه .



الخدمات العلمية