الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
8135 - مثل القلب مثل الريشة تقلبها الرياح بفلاة (هـ) عن أبي موسى (ح).

التالي السابق


(مثل القلب مثل الريشة) وفي رواية كريشة، قال الطيبي : المثل هنا بمعنى الصفة لا القول السائر والمعنى صفة القلب العجيبة الشأن وورود ما يرد من عالم الغيب وسرعة تقلبه كصفة ريشة يعني أن القلب في سرعة تقلبه لحكمة الابتلاء بخواطر ينحرف مرة إلى حق ومرة إلى باطل وتارة إلى خير وتارة إلى شر وهو في مقره لا ينقلب في ذاته غالبا إلا بقاهر مزعج من خوف مفرط (تقلبها الرياح بفلاة) لفظ رواية أحمد بأرض فلاة أي: بأرض خالية من العمران فإن الرياح أشد تأثيرا فيها منها في العمران وجمع الرياح لدلالتها على التقلب ظهرا لبطن إذ لو استمر الريح لجانب واحد لم يظهر التقلب كما يظهر من الرياح المختلفة. ولفظة بفلاة مقحمة فهو كقولك: أخذت بيدي ونظرت بعيني تقريرا ودفعا للتجوز، قال: وتقلبها صفة أخرى لريشة، وقال المظهر : ظهرا بدل بعض من الضمير في تقلبها واللام في بعض بمعنى إلى، ويجوز أن يكون ظهرا لبطن مفعولا مطلقا أي: تقلبها تقليبا مختصا وأن يكون حالا أي: تقلبها مختلفة أي: وهي مختلفة ولهذا الاختلاف سمي القلب قلبا، وقال الراغب : قلب الشيء صرفه عن وجه إلى وجه وسمي قلبا لكثرة تقلبه ويعبر بالقلب عن المعاني التي تختص به من الروح والعلم والشجاعة وغيرها. وقال الغزالي : إنما كان كثير التقلب لأنه منزله الإلهام [ ص: 509 ] والوسوسة وهما أبدا يقرعانه ويلقنانه وهو معترك المعسكرين الهوى وجنوده والعقل وجنوده فهو دائما بين تناقضهما وتحاربهما والخواطر له كالسهام لا تزال تقع فيه كالمطر لا يزال يمطر عليه ليلا ونهارا وليس كالعين التي بين جفنين تغمض وتستريح أو تكون في ليل أو ظلمة أو اللسان الذي هو من وراء حجابين الأسنان والشفتين وأنت تقدر على تسكينه بل القلب عرش الخواطر لا تنقطع عنه بحال والآفات إليه أسرع من جميع الأعضاء فهو إلى الانقلاب أقرب ولهذا خاف الخواص على قلوبهم وبكوا عليها وصرفوا عنايتهم إليها ومقصود الحديث أن يثبت العبد عند تقلب قلبه وينظر إلى همومه بنور العلم فما كان خيرا أمسك القلب عليه وما كان شرا أمسكه عنه (هـ) في باب الإيمان بالقدر (عن أبي موسى) الأشعري قال الصدر المناوي : سنده جيد ولهذا رمز المصنف لحسنه وظاهر صنيعه أنه لم يره لأعلى من ابن ماجه ولا أحق بالعزو منه مع أن الإمام أحمد رواه أيضا باللفظ المذكور عن أبي موسى ورواه البيهقي والطبراني أيضا عن أبي موسى الأشعري ، قال الحافظ العراقي : وسنده حسن .




الخدمات العلمية