الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
81 - " أتاني جبريل؛ فأمرني أن آمر أصحابي؛ ومن معي؛ أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية " ؛ (حم 4 حب ك هق) عن السائب بن خلاد ؛ (صح).

التالي السابق


(أتاني جبريل فأمرني) ؛ عن الله (تعالى)؛ بدليل الرواية الآتية؛ أمر ندب؛ (أن آمر أصحابي؛ ومن معي) ؛ عطفه على أصحابه؛ دفعا لتوهم أن مراده بهم من صحبه؛ وعرف به؛ لطول ملازمته؛ وخدمته؛ دون من رافقه واتبعه وقتا ما؛ فجمع بينهما؛ ليفيد أن مراده بهم من صحبه ولو في وقت؛ حتى من لم يره إلا مرة؛ فالعطف لزيادة الاهتمام بشأن تعليمهم؛ إذ من قرب عهده بالإسلام أو بالهجرة أحق بتأكيد الوصية؛ والتعريف بالسنة؛ والإعلام بالأحكام؛ وأما الخواص فمظنة الاطلاع على خفايا الشريعة ودقائقها؛ واحتمال إرادة المعية في الدين؛ ساقط؛ وفي رواية لمالك والشافعي : " أو من معي" ؛ بـ " أو" ؛ بدل الواو؛ شك من الراوي؛ وتجوز ابن الأثير كون الشك من النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه نوع سهو؛ ولا يعصم عنه؛ ركيك متعسف؛ (أن يرفعوا أصواتهم بالتلبية) ؛ إظهارا لشعائر الإسلام؛ وتعليما للجاهل ما هو مندوب في ذلك المقام؛ قال ابن العربي: وذلك أنهم كانوا يوقرون المصطفى؛ ويمتثلون ما أمروا به؛ من خفض الصوت في التكبير؛ والتسبيح في السفر؛ فاستثنى لهم التلبية من ذلك؛ فصاروا يرفعون أصواتهم بها جدا؛ روى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح؛ كما في الفتح؛ كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفعون أصواتهم بالتلبية؛ حتى تبح أصواتهم؛ وأخرج أيضا بإسناد صحيح؛ عن بكر المزني: كنت مع ابن عمر ؛ فلبى حتى أسمع ما بين الجبلين؛ قالوا: ومعنى التلبية؛ كما في حديث ابن عباس وغيره: إجابة دعوة إبراهيم حين أذن في الناس بالحج؛ فأجابوه وهم في الأصلاب؛ والأرحام؛ ومن لم يجبه لم يحج؛ وفيه مشروعية التلبية؛ تنبيها على إكرام الله لعباده بأن وفودهم على بيته إنما كان باستدعاء منه؛ وقوله: " بالتلبية" ؛ هي رواية النسائي ؛ وفي رواية الترمذي وابن ماجه ؛ بدله: " بالإهلال" ؛ ولأبي داود: " بالتلبية؛ أو بالإهلال" ؛ يريد أحدهما.

(حم 4 حب ك) ؛ وصححه؛ (هق)؛ وكذا مالك ؛ والشافعي ؛ والضياء ؛ في الحج؛ (عن السائب بن خلاد ) ؛ ابن سويد الخزرجي؛ قيل: بدري؛ واعترض؛ قال الترمذي : حسن صحيح؛ قال ابن العربي: هذا مع أنه رواه موسى بن عقبة عن المطلب؛ فربك أعلم؛ فلذلك لم يدخله البخاري في صحيحه؛ وأدخل حديث أبي قلابة ؛ عن أنس ؛ وقال ابن حجر: رجاله ثقات؛ لكن اختلف على التابعي صحابيه.



الخدمات العلمية