الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
8687 - من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (حم م 4) عن أبي سعيد - (صح)

التالي السابق


(من رأى) يعني علم (منكم) معشر المسلمين المكلفين القادرين، فالخطاب لجميع الأمة، حاضرها بالمشافهة، وغائبها بطريق التبع، أو لأن حكمه على الواحد حكمه على الجماعة (منكرا) أي شيئا قبحه الشرع فعلا أو قولا، ولو صغيرة (فليغيره) أي فليزله وجوبا شرعا، وقال المعتزلة: عقلا، ثم إن علم أكثر من واحد فكفاية وإلا فعين لقوله تعالىولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير والواجب أن يزيله (بيده) حيث كان مما يزال بها ككسر آلة لهو وآنية خمر (فإن لم يستطع) الإنكار بيده بأن ظن لحوق ضرر به لكون فاعله أقوى منه (ف) الواجب تغييره (بلسانه) أي بالقول، كاستغاثة أو توبيخ أو تذكير بالله أو إغلاظ، بشرط أن لا يغلب ظن أن النهي يزيد عنادا، أو أن لا يعلم عادة أنه لا يؤثر على ما عليه الأكثر، لكن في الروضة خلافه، ثم إن كان المأمور ظاهرا كصلاة وصوم لم يختص بالعلماء، وإلا اختص بهم أو بمن علمه منهم، وأن يكون المنكر مجمعا عليه، أو يعتقد فاعله تحريمه أو حله وضعفت شبهته جدا، كنكاح متعة، ولا يناقض الخبر عليكم أنفسكم [ ص: 131 ] لأن معناه: إذا كلفتم ما أمرتم به لا يضركم تقصير غيركم (فإن لم يستطع) ذلك بلسانه لوجود مانع: كخوف فتنة أو خوف على نفس أو عضو أو مال محترم أو شهر سلاح (فبقلبه) ينكره وجوبا بأن يكرهه به ويعزم أنه لو قدر بقول أو فعل فعل، وهذا واجب عينا على كل أحد بخلاف الذي قبله، فأفاد الخبر وجوب تغيير المنكر بكل طريق ممكن، فلا يكفي الوعظ لمن يمكنه إزالته بيده، ولا القلب لمن يمكنه باللسان (وذلك) أي الإنكار بالقلب (أضعف الإيمان) أي خصاله، فالمراد به الإسلام أو آثاره وثمراته، فالمراد به حقيقة من التصديق، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل، وصلاح الإيمان وجريان شرائع الأنبياء الكرام إنما يستمر عند استحكام هذه القاعدة في الإسلام، قال القيصري: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أقوى شعب الإيمان بوجه وأضعفها بوجه، فتغييره باليد واللسان أقوى، وتغييره بالقلب أضعف الإيمان

(حم م) في الإيمان في مواضع متعددة من حديث طارق بن شهاب (عن أبي سعيد ) قال طارق: أول من بدأ يوم العيد بالخطبة قبل الصلاة مروان ، فقام إليه رجل فقال: الصلاة قبل الخطبة، فقال: قد ترك ما هنالك، فقال أبو سعيد : أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكره.



الخدمات العلمية