الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
8689 - من رآني فقد رأى الحق، فإن الشيطان لا يتزيا بي (حم ق) عن أبي قتادة - (صح)

التالي السابق


(من رآني) يعني في النوم (فقد رأى الحق) أي الرؤيا الصحيحة الصادقة، وهي التي يريها الملك الموكل بضرب أمثال الرؤية بطريق الحكمة لبشارة أو نذارة أو معاتبة، ليكون على بصيرة من أمره وتوفيق من ربه، وأبعد البعض فقال: يمكن أن يراد بالحق هو الله مبالغة تنبيها على من رآه على وجه المحبة والاتباع كأنه رأى الله كقوله: من أحبني فقد أحب الله ومن أطاعني فقد أطاع الله اهـ. وهذا يأباه قوله (فإن الشيطان لا يتزيا بي) بالزاي المعجمة أي لا يظهر في زيي، وفي رواية: فإن الشيطان لا يتكونني أي لا يتكلف كونا مثل كوني، ذكره الكرماني، وقال غيره: قوله "لا يتزيا بي" أي لا يستطيع ذلك، يشير إلى أنه تعالى وإن مكنه من التصور في أي صورة أراد، فإنه لا يمكنه من التصور في صورة النبي. قال ابن أبي جمرة : الشيطان لا يتصور بصورته أصلا، فمن رآه في صورة حسنة فذاك حسن في دين الرائي، وإن كان في جارحة من جوارحه شين أو نقص فذلك خلل في دين الرائي، قال: هذا هو الحق، وقد جرب فوجد كذلك، وبه تحصل الفائدة الكبرى في رؤياه حتى يظهر للرائي هل عنده خلل أم لا؟ لأن المصطفى صلى الله عليه وسلم نوراني كالمرآة الصقيلة، فما كان في الناظر فيها من حسن أو غيره تصور فيها، وهي في ذاتها حسنة لا نقص ولا شين فيها، وكذا يقال في كلامه في النوم، فما وافق سنته فهو حق، وما لم يوافقها فخلل في سمع الرائي، قال: ويؤخذ من قوله "فإن الشيطان إلخ" أن من تمثلت صورة المصطفى صلى الله عليه وسلم في خاطره من أرباب القلوب، وتصور له في عالم سره أنه يكلمه أن ذلك يكون حقا، بل هو أصدق من مرأى غيرهم لتنوير قلوبهم

(حم ق عن أبي قتادة ) قال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح.



الخدمات العلمية