الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
913 - " أربع في أمتي من أمر الجاهلية؛ لا يتركونهن: الفخر في الأحساب؛ والطعن في الأنساب؛ والاستسقاء بالنجوم؛ والنياحة " ؛ (م)؛ عن أبي مالك الأشعري؛ (ح).

التالي السابق


(أربع في أمتي من أمر الجاهلية) ؛ أي: من أفعال أهلها؛ يعني أنها معاص يأتونها مع اعتقاد حرمتها؛ و" الجاهلية" : ما قبل البعثة؛ سموا به لفرط جهلهم؛ (لا يتركونهن) ؛ أي: لا تترك أمتي شيئا من تلك الخصال الأربع؛ قال الطيبي: قوله: " في أمتي" ؛ خبر لـ " أربع" ؛ أي: خصال أربع كائنة في أمتي؛ و" من أمر الجاهلية" ؛ و" لا يتركونهن" ؛ حالان من الضمير المتحول إلى الجار والمجرور؛ وهذا خرج مخرج الذم والتعييب لها؛ فأولها: (الفخر في الأحساب) ؛ أي: الشرف بالآباء؛ والتعاظم بعد مناقبهم ومآثرهم وفضائلهم؛ وذلك جهل؛ فلا فخر إلا بالطاعة؛ ولا عز لأحد إلا بالله؛ و" الأحساب" ؛ جمع " حسب" ؛ وهو ما يعده المرء من الخصال له؛ أو لآبائه؛ من نحو شجاعة وفصاحة؛ والثاني: (الطعن في الأنساب) ؛ أي: الوقوع فيها بنحو ذم وعيب؛ بأن يقدح في نسب أحد من الناس؛ فيقول: ليس هو من ذرية فلان؛ وذلك يحرم؛ لأنه هجوم على الغيب؛ ودخول فيما لا يعني؛ والأنساب لا تعرف إلا من أهلها؛ قال ابن عربي: وهذا أمر ينشأ من النفاسة في أنه لا يريد أن يرى أحدا كاملا؛ وذلك لنقصانه في نفسه؛ ولا يزال الناس يتطاعنون في الأنساب؛ ويتلاعنون في الأديان؛ ويتباينون في الأخلاق؛ قسمة العليم الخلاق؛ قال: ولا أعلم نسبا سلم من الطعن؛ إلا نسب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - والثالث: (الاستسقاء بالنجوم) ؛ أي: اعتقاد أن نزول المطر بظهور كذا؛ وهو حرام؛ لأنه إشراك ظاهر؛ إذ لا فاعل إلا الله؛ بل متى اعتقد أن للنجم تأثيرا؛ كفر؛ قال الحراني : فالمتعلق خوفهم ورجاؤهم بالآثار الفلكية؛ هم صابئة هذه الأمة؛ كما أن المتعلق خوفهم ورجاؤهم بأنفسهم وغيرهم من الخلق؛ مجوس هذه الأمة؛ (و) ؛ الرابع: (النياحة) ؛ أي: رفع الصوت بالندب على الميت؛ لأنها سخط لقضاء الله؛ ومعارضة لأحكامه؛ قال ابن العربي: هذه من أخبار الغيب التي لا يعلمها إلا الأنبياء؛ فإنهم أخبر بما يكون قبل كونه؛ فظهر حقا؛ فالأربع محرمات؛ ومع حرمتها لا يتركونها - هذه الأمة؛ أي: أكثرهم - مع العلم بحرمتها.

(م)؛ في الجنائز؛ (عن أبي مالك الأشعري) ؛ واسمه الحارث ؛ ولم يخرجه البخاري بلفظه.



الخدمات العلمية