الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
932 - " أربعة يبغضهم الله - تعالى -: البياع الحلاف؛ والفقير المختال؛ والشيخ الزاني؛ والإمام الجائر " ؛ (ن هب)؛ عن أبي هريرة ؛ (صح).

التالي السابق


(أربعة يبغضهم) ؛ أي: ممن يبغضهم؛ (الله - تعالى) يعذبهم؛ ويحيلهم دار الهوان؛ (البياع الحلاف) ؛ بالتشديد؛ صيغة مبالغة؛ أي: الذي يكثر الحلف على سلعة: لقد أعطي فيها أكثر من كذا؛ (والفقير المختال) ؛ بخاء معجمة؛ أي: المتكبر المعجب بنفسه؛ (والشيخ الزاني) ؛ أي: الرجل الذي قد أمسى وهو مصر على الوطء بغير عقد شرعي؛ ومثله الشيخة الزانية؛ (والإمام الجائر) ؛ أي: الحاكم الظالم المائل عن الحق؛ إلى الباطل؛ يقال: " جار في حكمه؛ يجور؛ جورا" ؛ و" ظلم عن الطريق" ؛ مال؛ وإنما أبغضهم لأن الحلاف الكثير الحلف انتهك ما عظم الله من أسمائه؛ وجعله سببا وحيلة لدرك ما حقره من الدنيا؛ لعظمها في قلبه؛ فبغضه ومقته هذا في الحلف الصادق؛ فما بالك بالكاذب؟! والفقير المختال - أي: المتكبر - قد زوى الله عنه أسباب الكبر بحمايته له عن الدنيا؛ فأبى لؤم طبعه إلا التكبر؛ ولم يشكر نعمة الفقر؛ فإن المصطفى - صلى الله عليه وآله وسلم - يقول: " الفقر على المؤمن أزين من العذار الجيد على خد الفرس" ؛ والشيخ الزاني عمر عمرا يحصل به الانزجار؛ واستولت أسباب الضعف؛ وكلها حاجزة عن الزنا؛ فأبى سوء طبعه إلا التهافت في معصية ربه؛ والإمام الجائر أنعم الله عليه بالسيادة والقدرة؛ فأبى شؤم شح طبعه إلا الجور؛ وكفر النعمة؛ وتعبيره بالبغض في هذه الأربعة؛ وبعدم النظر في الأربعة قبلها؛ يؤذن بأن هذه أقبح من تلك؛ فإن البغض أشد؛ ألا ترى أن الشخص [ ص: 471 ] قد لا ينظر إلى الشيء؛ ويعرض عنه احتقارا؛ وعدم مبالاة به؛ ولا يبغضه؟!

(ن هب) ؛ وكذا الخطيب؛ في التاريخ؛ (عن أبي هريرة ) ؛ قال الحافظ العراقي : سنده جيد؛ وقال الذهبي في الكبائر - عقب عزوه للنسائي -: إسناده صحيح؛ ومن ثم رمز المصنف لصحته.



الخدمات العلمية