الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
953 - " اركبوا هذه الدواب سالمة؛ واتدعوها سالمة؛ ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق؛ فرب مركوبة خير من راكبها؛ وأكثر ذكرا منه " ؛ (حم ع طب ك) ؛ عن معاذ بن أنس ؛ (صح).

التالي السابق


(اركبوا هذه الدواب سالمة) ؛ أي: خالصة عن الكد والإتعاب؛ (واتدعوها سالمة) ؛ ولفظ رواية الطبراني - بدله -: " ودعوها" ؛ أي: اتركوها؛ ورفهوا عنها؛ إذا لم تحتاجوا إلى ركوبها؛ وهو " افتعل" ؛ من " ودع - بالضم -؛ وداعة؛ أي: سكن وترفه؛ و" ابتدع - على القلب - فهو مبتدع" ؛ أي: صاحب بدعة؛ أو من " ودع" ؛ إذا ترك؛ يقال: " ايدع" ؛ و" ايتدع" ؛ على القلب؛ والإدغام؛ والإظهار؛ ذكره ابن الأثير؛ (ولا تتخذوها كراسي) ؛ وفي رواية: " منابر" ؛ (لأحاديثكم في الطرق والأسواق) ؛ أي: لا تجلسوا على ظهورها ليتحدث كل منكم مع صاحبه وهي موقوفة؛ كجلوسكم على الكراسي للتحدث؛ والمنهي عنه الوقوف الطويل لغير حاجة؛ فيجوز حال القتال؛ والوقوف بعرفة؛ ونحو ذلك؛ وعلل النهي عن ذلك بقوله: (فرب) ؛ دابة؛ (مركوبة خير من راكبها) ؛ عند الله (تعالى)؛ (وأكثر ذكرا لله منه) ؛ فيه أن الدواب منها ما هو صالح؛ ومنها ما هو طالح؛ وأنها تذكر الله (تعالى): وإن من شيء إلا يسبح بحمده ؛ وأن بعضها أفضل من بعض الآدميين؛ ولا ينافيه: ولقد كرمنا بني آدم ؛ لأنه في الجنس؛ والفقير المعذب في الدنيا إذا ختم له بالكفر أخس من الدابة؛ فإنه أشقى الأشقياء؛ كما في الخبر.

(حم)؛ بأسانيد عديدة؛ (ع طب ك؛ عن معاذ ) ؛ بضم الميم؛ ( ابن أنس ) ؛ قال: مر النبي - صلى الله عليه وسلم - على قوم وهم وقوف على دواب لهم؛ ورواحل؛ فذكره؛ قال الهيتمي: أحد أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح؛ غير سهل بن معاذ ؛ وثقه ابن حبان ؛ وفيه ضعف؛ أهـ؛ وقال الذهبي في المهذب: فيه سهل؛ وفيه لين؛ وفيه إشعار بطلب الذكر للراكب؛ وقد ذكر أهل الحقيقة أنه يخفف الثقل عن الدابة؛ فإن أخلص الذاكر وداوم على الذكر؛ لم تحس الدابة بثقل أصلا؛ وقد أخبروا بذلك عن تجربة؛ وبعضهم كلمته الدابة؛ وأخبرته بذلك؛ وهذا من كرامات الأولياء التي لا ينكرها إلا محروم.



الخدمات العلمية