الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
9802 - لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى (حم ق د ن هـ) عن أبي هريرة (حم ق ت هـ) عن أبي سعيد (هـ) عن ابن عمرو - (صح)

التالي السابق


(لا تشد) بصيغة المجهول، نفي بمعنى النهي، لكنه أبلغ منه؛ لأنه كالواقع بالامتثال لا محالة (الرحال) جمع رحل بفتح الراء وحاء مهملة، وهو للبعير بقدر سنامه أصغر من القتب، كنى بشدها عن السفر، إذ لا فرق بين كونه براحلة أو فرس أو بغل أو حمار أو ماشيا، كما دل عليه قوله في بعض طرقه في الصحيح: إنما يسافر....، فذكره شدها غالبي (إلا إلى ثلاثة مساجد) الاستثناء مفرغ، والمراد: لا تسافر لمسجد للصلاة فيه إلا لهذه الثلاثة، لا أنه لا يسافر أصلا إلا لها، والنهي للتنزيه عند الشافعية كالجمهور، وقول عياض والجويني والقاضي حسين للتحريم، فيحرم شده الرحل لغيرها، كقبور الصالحين والمواضع الفاضلة، قال [ ص: 404 ] النووي: غلط؛ فإن قوله "لا تشد" معناه: لا فضيلة في شدها. قال الطيبي: وهو أبلغ مما لو قيل: لا تسافر، لأنه صورة حالة المسافر وتهيئة أسبابها، وأخرج النهي مخرج الإخبار، أي لا ينبغي ولا يستقيم أن تقصد الزيارة بالراحلة إلا إلى هذه الثلاثة (المسجد الحرام) بالجر بدل من "ثلاثة"، وبالرفع خبر مبتدأ محذوف، وتالياه معطوفان عليه، والمراد به هنا نفس المسجد لا الكعبة ولا مكة ولا الحرم كله، وإن كان يطلق على الكل الحرام بمعنى المحرم (ومسجدي هذا) في رواية: مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، وقيل: لعله من تصرف الرواة (والمسجد الأقصى) وهو بيت المقدس، سمي به لبعده عن مسجد مكة مسافة أو زمنا، أو لكونه لا مسجد وراءه، أو لأنه أقصى موضع من الأرض ارتفاعا وقربا إلى السماء. خص الثلاثة: لأن الأول إليه الحج والقبلة، والثاني أسس على التقوى، والثالث قبلة الأمم الماضية، ومن ثم لو نذر إتيانها لزمه عند مالك وأحمد ، وكذا عن بعض الشافعية، لكن الصحيح عندهم قصره على الأول، لتعلق النسك به، وقال الحنفية: يلزمه إذا نذر المشي لا الإتيان. وشدها لغير الثلاثة لنحو علم أو زيارة ليس للمكان بل لمن فيه، قال البيضاوي : ينبغي أن لا يشتغل إلا بما فيه صلاح دنيوي وفلاح أخروي، ولما كان ما عدا الثلاثة من المساجد متساوية الأقدار في الشرف والفضل، وكان التنقل والارتحال لأجلها عبثا ضائعا نهى الشارع عنه، والمقتضي لشرفها أنها أبنية الأنبياء ومتعبداتهم

(حم ق د ن هـ عن أبي هريرة ، حم ق ت عن أبي سعيد) الخدري (هـ عن ابن عمرو) بن العاص.



الخدمات العلمية