الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
1040 - " أسوأ الناس سرقة؛ الذي يسرق من صلاته؛ لا يتم ركوعها؛ ولا سجودها؛ ولا خشوعها " ؛ (حم ك)؛ عن أبي قتادة ؛ والطيالسي؛ (حم ع) ؛ عن أبي سعيد ؛ (صح).

التالي السابق


(أسوأ الناس سرقة؛ الذي يسرق من صلاته) ؛ قال الطيبي: " أسوأ" ؛ مبتدأ؛ و" الذي" ؛ خبره؛ على حذف مضاف؛ أي: " سرقة الذي يسرق" ؛ ويجوز أن تكون " السرقة" ؛ جمع سارق؛ كـ " فاجر" ؛ و" فجرة" ؛ أهـ؛ قالوا: وكيف يسرق منها يا رسول الله؟ قال: (لا يتم) ؛ وفي رواية: " الذي لا يتم" ؛ (ركوعها؛ ولا سجودها) ؛ وأعاد " لا" ؛ في السجود؛ دفعا لتوهم الاكتفاء بالطمأنينة في أحدهما؛ (ولا خشوعها) ؛ الذي هو روح الصلاة؛ بأن لم يستحضر عظمة الله؛ قال الطيبي: جعل جنس السرقة نوعين: متعارفا؛ وغير متعارف؛ وهو ما ينقص من الطمأنينة والخشوع؛ ثم جعل غير المتعارف أسوأ من المتعارف؛ ووجه كونه أسوأ أن السارق إذا وجد مال الغير قد ينتفع به في الدنيا؛ ويستحل صاحبه؛ أو يحد؛ فينجو من عذاب الآخرة؛ [ ص: 514 ] بخلاف هذا؛ فإنه سرق حق نفسه؛ من الثواب؛ وأبدل منه العقاب في العقبى؛ قال الحراني : وأكثر ما يفسد صلاة العامة تهاونهم بعلم الطمأنينة؛ والعمل بها في أركان الصلاة؛ وأصلها: سكون على عمل لركن من ركوع؛ أو سجود؛ أو جلوس؛ زمنا ما؛ وإجماع من النفس على البقاء على تلك الحالة؛ ليوافق بذلك المقدار من الزمان حال الداعين في آحاد تلك الأحوال؛ من الملائكة الصافين؛ وفيه أن الطمأنينة في الركوع والسجود واجبة؛ وأجله في الفرض؛ وكذا في النفل عند الشافعي ؛ فعده ركنا؛ وأن الخشوع واجب؛ وبه قال الغزالي منهم؛ فعده شرطا؛ لكن المفتى به عندهم خلافه.

(نكتة) ؛ صلى رجل صلاة؛ ولم يتم أركانها؛ وقال: اللهم زوجني الحور العين؛ فقال له أعرابي: بئس الخاطب أنت؛ أعظمت الخطبة؛ وأسأت النقد.

(حم ك) ؛ وصحح إسناده؛ (عن أبي قتادة) ؛ الأنصاري ؛ وأبو داود؛ (الطيالسي ؛ حم ع؛ عن أبي سعيد) ؛ الخدري ؛ قال الهيتمي: فيه علي بن زيد ؛ مختلف في الاحتجاج به؛ وبقية رجاله رجال الصحيح؛ وقال الذهبي في الكبائر: إسناده صالح؛ وقال المنذري: رواه الطبراني في الثلاثة عن عبد الله بن مغفل ؛ بإسناد جيد؛ لكنه قال في أوله: " أسرق الناس" ؛ وهذا الحديث أخرجه في الموطإ؛ فكان ينبغي للمؤلف أن يضمه لهؤلاء في العزو؛ جريا على عادته؛ فإن دأبه أن الحديث إذا كان فيه مالك ؛ بدأ يعترف له؛ مقدما على الشيخين؛ ولفظ مالك عن يحيى بن سعيد عن النعمان بن مرة الأنصاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " ما ترون في الشارب؛ والسارق؛ والزاني؟" ؛ قال: وذلك قبل أن ينزل فيهم؛ قالوا: الله ورسوله أعلم؛ قال: " هن فواحش؛ وفيهن عقوبة؛ وأسوأ السرقة الذي يسرق من صلاته" ؛ قالوا: وكيف يسرق من صلاته؟ قال: " لا يتم..." ؛ إلخ.



الخدمات العلمية