الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
1251 - (أفضل الدعاء أن تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة فإنك إذا أعطيتهما في الدنيا ثم أعطيتهما في الآخرة فقد أفلحت) (حم) هناد (ت) اهـ) عن أنس.. (ح)

التالي السابق


(أفضل الدعاء أن تسأل ربك) خص ذكر الربوبية لأن الرب هو المصلح المربي فيناسب ذكر العفو (العفو) أي: محو الجرائم (والعافية) أي السلامة من الأسقام والبلايا (في الدنيا والآخرة) قال الزمخشري: العفو أن يعفو عن الذنوب والعافية أن يسلم من الأسقام والبلايا والمعافاة أن يعفو الرجل عن الناس ويعفوا عنه فلا يكون يوم القيامة قصاص وهي مفاعلة من العفو وقيل هي أن يعافيك الله من الناس ويعافيهم منك. إلى هنا كلامه وقال الحكيم: العفو والعافية مشتق أحدهما من الآخر إلا أنه غلب عليه في اللغة استعمال العفو في نوائب الآخرة والعافية في نوائب الدنيا وذكرهما في الحديث في الدارين إيذانا بأنهما يرجعان إلى شيء واحد فيقال في محل العقوبة عفا عنه وفي محل [ ص: 33 ] الابتلاء عافاه ثم المطلوب عافية لا يصحبها أشر ولا بطر واغترار بدوامها فلا ينافي الخبر الآتي: كفى بالسلامة داء كما يأتي (فإنك إذا أعطيتهما في الدنيا ثم أعطيتهما في الآخرة فقد أفلحت) أي: فزت وظفرت لأن لكل نعمة تبعة ولكل ذنب نقمة في الدنيا والآخرة فإذا زويت عنه التبعات والنقمات تخلص هذا في العفو وأما في العافية فإنه لا بد لكل نفس عند مدبر الأمور من تدبير فكلما تنفس نفسا استمد منه وفيه السلامة والآفة فإن نزعت الآفة منه سلم ذلك النفس فعوفي من البلاء فإذا طعم أو شرب قبل ذلك واستقامت الطبائع لهما ولغير ذلك من الأحوال فالعافية أن تدرأ عنك الحوادث التي يحدث منها البلاء أعاذنا الله بكرمه ثم إن قلت: طلب سؤال العافية من الله يناقضه ما جاء في غير ما خبر: إن البلاء خير من النعيم فالجواب: أن البلاء خير ونعمة باعتبارين: أحدهما بالإضافة إلى ما هو أكبر منه إما في الدين والدنيا والآخر بالإضافة إلى ما يرجى من الثواب فينبغي أن يسأل الله تعالى تمام النعمة في الدنيا والآخرة ودفع ما فوقه من البلاء ويسأله الثواب في الآخرة على الشكر على نعمته فإنه قادر على أن يعطي على الشكر ما يعطيه على الصبر قاله حجة الإسلام .

(تنبيه): قال شيخنا العارف الشعراني: قال لي البرهان بن أبي شريف لا ينبغي لمن وقع في ذنب واحد طول عمره أن يسأل الله الرضا وإنما يسأله العفو فإذا حصل حصل الرضا كما أنه لا ينبغي أن يسأل الله أن يكون من الصالحين الكمل ورثة الأنبياء

(حم) وهناد) في الزهد (ت) هـ عن أنس) وقال الترمذي حسن إنما نعرفه من حديث سلمة بن وردان أهو سلمة هذا ضعفه أحمد.




الخدمات العلمية