الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
1467 - (اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وأرضنا وارض عنا) . (ت) (ك) عمر. (صح)

التالي السابق


(اللهم زدنا) من خير الدارين: أي من العلوم والمعارف (ولا تنقصنا) أي لا تذهب منا شيئا (وأكرمنا) بالتقوى (ولا تهنا) أصله تهوننا نقلت كسرة الواو للهاء وحذفت الواو لسكونها وسكون النون الأولى وأدغمت [ ص: 108 ] الأولى في الثانية (وأعطنا ولا تحرمنا) قال القاضي والطيبي: عطف الأوامر على النواهي تأكيدا ومبالغة وتعميما وحذف ثواني المفعولات في بعض الألفاظ إرادة لإجرائها مجرى: فلان يعطي ويمنع مبالغة (وآثرنا) بالمد اخترنا بعنايتك وإكرامك (ولا تؤثر) تختر (علينا) غيرنا فتعزه وتذلنا: يعني لا تغلب علينا أعداءنا (وأرضنا) بما قضيت لنا أو علينا بإعطاء الصبر والتحمل والقنع بما قسمت لنا من الرزق وذلك أن الله دبر لعبده قبل أن يخلقه شأنه من الرزق والأحوال والآثار وكل ذلك مقدر مؤقت يبرزه له في وقته كما قدره والعبد ذو شهوات وقد اعتادها وتخلق بها ودبر الله لعبده غير ما تخلق به من الشهوات فمرة سقم ومرة صحة ومرة غنى ومرة فقر وعسر وذل ومكروه ومحبوب فأحوال الدنيا تتداوله لا ينفك عن قضائه والعبد يريد ما وافقه واشتهاه وتدبير الله فيه غير ذلك فإذا رزق العبد الرضا بالقضاء استقام قلبه فترك جميع إرادته لمشيئة الله ينتظر ما يبرز له من تدبيره في جميع أحواله فيتلقاه بانشراح قلب وطيب نفس فيصير راضيا مرضيا والمصطفى صلى الله عليه وسلم أعظم من رزق الرضا وليس للشهوات

ولا للشيطان عليه سلطان وإنما ذكر ذلك على طريق الإرشاد والتعليم للأمة وقال الطيبي: ويلوح من هذا الدعاء تباشير الإرادة والاستبشار والفوز بالمباغي ونيل الفلاح في الدنيا والعقبى. ولعمري إنه من جوامع الكلم (وارض عنا) بما نقيم من الطاعة القليلة التي في جهدنا. قال بعض الأكابر: من أيقن بحسن اختيار الله له لم يسره أن يكون على غير الحال التي هو عليها فكل راض مرضي عنه فاقتضت هذه السنة العلمية مضمون قوله تقدس ارجعي إلى ربك راضية مرضية فمن رجعت إلى ربه معرفته وذهبت نكرته اطمأن في الأوقات وغنم في مقاومة مقابلاتها الرضى واستقر في جنته وقته فكان هذا حاله عاجلا وذاك خطابه آجلا فقال الراغب: منزلة الرضى أشرف المنازل بعد النبوة فمن رضي عن الله فقد رضي الله عنه لقوله تعالى رضي الله عنهم ورضوا عنه فجعل أحد الرضاءين مقرونا بالآخر فمن بلغ هذه المنزلة فقد عرف خساسة الدنيا واطلع على جنة المأوى وخطب مودة الملأ الأعلى وحظي بتحيتهم المعينة بقوله والملائكة يدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار

(ت) (ك) في الدعاء (عن عمر) بن الخطاب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي سمع عند وجهه كدوي النحل فنزل عليه فمكثنا ساعة فسري عنه فاستقبل القبلة ورفع يديه فذكره. صححه الحاكم.




الخدمات العلمية