الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
1941 - (إن الله تعالى يمهل حتى إذا كان ثلث الليل الآخر نزل إلى السماء الدنيا فنادى هل من مستغفر هل من تائب هل من سائل هل من داع حتى ينفجر الفجر) (حم) (م) عن أبي هريرة وأبي سعيد معا . (صح)

التالي السابق


(إن الله تعالى يمهل حتى إذا كان ثلث الليل الآخر) بالرفع صفة ثلث وفي رواية الثلث الأول وأخرى النصف وجمع باختلاف الأحوال يعني يكون أوقات الليل في الزمان والآفاق تقدم الليل عند قوم وتأخره عند آخرين (نزل) وفي رواية للبخاري ينزل (إلى السماء الدنيا) أي القربى قيل المراد نزول رحمة ومزيد لطف وإجابة دعوة وقبول معذرة كما هو ديدن الملوك الكرماء والسادات الرحماء إذا نزلوا بقرب قوم مستضعفين ملهوفين لا نزول حركة وانتقال لاستحالته عليه تقدس فهو نزول معنوي ويمكن حمله على الحس ويكون راجعا إلى أفعاله لا ذاته وقيل المراد بنزوله نزول رحمته وانتقاله من مقتضى صفة الجلال التي تقتضي الغضب والانتقام إلى مقتضى صفة الإكرام المقتضية للرحمة والإنعام (فنادى هل من مستغفر) فأغفر له (هل من تائب) فأتوب عليه (هل من سائل) فيعطى وفيه توبيخ لهم على غفلتهم عن السؤال (هل من داع) فأستجيب له ولا يزال كذلك (حتى ينفجر الفجر) جمع بينهما للتأكيد إن كانتا بمعنى وإلا فلأن المطلوب دفع ما لا يلائم أو جلب الملائم وهو إما دنيوي أو ديني فأشير بالاستغفار إلى الأول وبالسؤال إلى الثاني وبالدعاء إلى الثالث وخص آخر الليل لأنه وقت التعرض لنفحات الرحمة وزمن عبادة المخلصين ولأنه وقت غفلة واستغراق نوم والتذاذ به ومفارقة اللذة والدعة صعب سيما لأهل الرفاهية فمن آثر القيام لمناجاته والتضرع إليه فيه دل على خلوص نيته وصحة رغبته فيما عند ربه فلذلك خص ذلك الوقت بالتنزل الإلهي الرحماني وفيه أن الدعاء في الثلث الأخير مجاب وتخلفه في البعض لخلل في الداعي أو الدعاء

(حم) (م) عن أبي هريرة وأبي سعيد معا) ورواه أيضا البخاري في مواضع من صحيحه بألفاظ متقاربة المعنى.




الخدمات العلمية