الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
277 - " أخاف على أمتي ثلاثا: زلة عالم؛ وجدال منافق بالقرآن؛ والتكذيب بالقدر " ؛ (طب)؛ عن أبي الدرداء .

التالي السابق


(أخاف على أمتي) ؛ زاد في رواية: " بعدي" ؛ فالإضافة للتشريف؛ (ثلاثا) ؛ أي: خصالا ثلاثا؛ قال الزمخشري : و" الخوف" : غم يلحق الإنسان؛ لتوقع مكروه؛ و" الحزن" : غم يلحقه لفوت نافع ؛ أو حصول ضار؛ (زلة عالم) ؛ أي: سقطته؛ يعني: عمله بما يخالف [ ص: 202 ] علمه؛ ولو مرة واحدة؛ فإنه عظيم المفسدة؛ لأن الناس مرتقبون لأفعاله؛ ليقتدوا به؛ ومن تناول شيئا وقال للناس: لا تتناولوه؛ فإنه سم قاتل؛ سخروا منه؛ واتهموه؛ وزاد حرصهم على ما نهاهم عنه؛ فيقولون: لولا أنه أعظم الأشياء وألذها لما استأثر به؛ وأفرد الزلة لندرة وقوعها منه؛ (وجدال منافق بالقرآن) ؛ أي: مناظرته به؛ ومقابلته الحجة بالحجة؛ لطلب المغالبة بالباطل؛ وربما أول منه شيئا ووجهه بما يؤول إلى الوقوع في محذور؛ فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة ؛ وربما غلب بزخرفته وتوجيهه العقائد الزائغة على بعض العقول القاصرة؛ فأضلها؛ (والتكذيب بالقدر) ؛ بالتحريك؛ أي: أن الله يقدر على عبده الخير؛ والشر؛ كما زعمه المعتزلة؛ حيث أسندوا أفعال العباد إلى قدرتهم؛ فزعموا أن أفعال العباد خيرها وشرها مسندة إلى قدرة العبد؛ واختياره؛ وعاكستهم الجبرية؛ فأثبتوا التقدير لله (تعالى)؛ ونفوا قدرة العبد بالكلية؛ وكلا الفريقين من التفريط؛ والإفراط؛ على شفا جرف هار؛ والصراط المستقيم والقصد القويم مذهب أهل السنة؛ أنه لا جبر ؛ ولا تفويض؛ إذ لا يقدر أحد أن يسقط الأصل الذي هو القدر؛ ولا يبطل الكسب الذي هو السبب؛ قال الطيبي: وقدم زلة العالم لأنها السبب في الخصلتين الأخيرتين؛ فلا يحصلان إلا من زلته؛ ولا منافاة بين قوله هنا: " ثلاثا" ؛ وفيما يأتي: " ستا" ؛ وفي الخبر الآتي على الأثر: " ضلالة الأهواء..." ؛ إلى آخره؛ لأنا إن قلنا: إن مفهوم العدد غير حجة؛ وهو ما عليه المحققون؛ فلا إشكال؛ وإلا فكذلك؛ لأنه أعلم أولا بالقليل؛ ثم بالكثير؛ أو لأن ذلك يقع لطائفة؛ وهذا لأخرى.

(طب؛ عن أبي الدرداء ) ؛ قال الهيتمي: فيه معاوية بن يحيى الصدفي؛ وهو ضعيف.



الخدمات العلمية