الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
2794 - "أوصيك يا أبا هريرة بخصال أربع؛ لا تدعهن أبدا ما بقيت ؛ عليك بالغسل يوم الجمعة؛ والبكور إليها؛ ولا تلغ؛ ولا تله؛ وأوصيك بصيام ثلاثة أيام من كل شهر؛ فإنه صيام الدهر؛ وأوصيك بالوتر قبل النوم؛ وأوصيك بركعتي الفجر؛ لا تدعهما؛ وإن صليت الليل كله؛ فإن فيهما الرغائب"؛ (ع)؛ عن أبي هريرة ؛ (ض) .

التالي السابق


(أوصيك يا أبا هريرة بخصال أربع؛ لا تدعهن) ؛ أي: لا تتركهن؛ (أبدا؛ ما بقيت) ؛ أي: مدة بقائك في الدنيا؛ فإنهن مندوبات ندبا مؤكدا؛ (عليك بالغسل يوم الجمعة ) ؛ أي: الزمه؛ وداوم عليه؛ فلا تهمله؛ إن أردت حضورها؛ وإن لم تلزمك؛ وأول وقته من صادق الفجر؛ والأفضل تقريبه من رواحه إليها؛ فإن عجز عن الماء؛ تيمم بدلا عنه؛ والبكور إليها ) ؛ من طلوع الفجر؛ إن لم تكن معذورا؛ ولا خطيبا؛ وفيه رد على مالك في ذهابه إلى عدم ندب التبكير؛ (ولا تلغ) ؛ أي: لا تتكلم باللغو في حال الخطبة؛ يقال: "لغا الرجل"؛ تكلم باللغو؛ وهو اختلاط الكلام؛ و"لغا به"؛ تكلم به؛ فالكلام حال الخطبة على الحاضرين مكروه عند الشافعية ؛ حرام عند الأئمة الثلاثة؛ والخلاف في غير الخطيب؛ ومن لم يستقر في محل؛ ومن خاف وقوع محذور بمحترم؛ وظن وقوعه به إن سكت؛ وإلا؛ فلا حرمة؛ بل يجب الكلام في الأخيرة؛ (ولا تله) ؛ [ ص: 78 ] أي: لا تشتغل عن استماعها بحديث؛ ولا غيره ؛ فإنه مكروه عند الشافعية ؛ حرام عند غيرهم؛ بل يحرم عند الشافعية أيضا على بعض الأربعين الذين يلزمهم كلام فوته سماع ركن؛ (وأوصيك) ؛ أيضا بخصال ثلاث؛ لا تدعهن أبدا ما بقيت في الدنيا؛ عليك؛ (بصيام ثلاثة أيام من كل شهر) ؛ من؛ أي أيام الشهر كانت؛ فإنه مندوب؛ مؤكد؛ ويسن كون تلك الثلاث هي البيض؛ وهي: الثالث عشر؛ وتالياه؛ كما بينه في الخبر المار؛ وهو قوله: "إن كنت صائما..."؛ إلخ؛ (فإنه) ؛ أي: صيامها؛ (صيام الدهر) ؛ أي: بمنزلة صيامه؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها؛ فاليوم بعشرة؛ والشهر ثلاثون؛ فذلك عدد أيام السنة؛ (وأوصيك بالوتر) ؛ أي: بصلاته؛ ندبا مؤكدا عند الشافعية ؛ ووجوبا عند الحنفية ؛ ووقته بين العشاء؛ والفجر؛ ووقت اختياره إلى ثلث الليل؛ إن أردت تهجدا؛ أو لم تعتد اليقظة آخر الليل؛ فحينئذ تصليه؛ (قبل النوم) ؛ فإذا أردت تهجدا؛ ووثقت بيقظتك؛ فالأفضل تأخيره إلى آخر صلاة الليل؛ التي يصليها بعد نومه؛ (وأوصيك بركعتي الفجر) ؛ أي: بصلاتهما؛ والمحافظة عليهما ؛ (لا تدعهما) ؛ لا تتركهما؛ ندبا؛ (وإن صليت الليل كله) ؛ فإنه لا يجزئ عنهما؛ (فإن فيهما الرغائب) ؛ أي: ما يرغب فيه من عظيم الثواب؛ جمع "رغبة"؛ وهي العطاء الكثير؛ ومن ثم كانت أفضل الرواتب مطلقا؛ فيكره تركها؛ بل حرمه بعض الأئمة.

(ع؛ عن أبي هريرة ) ؛ وفيه سليمان بن داود اليماني ؛ قال الذهبي : ضعفوه.




الخدمات العلمية