الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
34 - " ائتدموا من هذه الشجرة - يعني الزيت -؛ ومن عرض عليه طيب فليصب منه " ؛ (طس)؛ عن ابن عباس .

التالي السابق


(ائتدموا من) ؛ عصارة (هذه الشجرة) ؛ شجرة الزيتونة؛ لما تقرر من عموم منافعها؛ وقوله: (يعني الزيت) ؛ مدرج من بعض رواته؛ بيانا لما وقعت الإشارة عليه؛ قال ابن العربي: وللشجر قسمان: طيب؛ ومبارك؛ فالطيب: النخلة؛ والمبارك: الزيتون؛ ومن بركة شجر الزيتون إنارتها بدهنها؛ وهي تكشف به الأسرار للأبصار؛ وتقلب البواطن ظواهر؛ ولذلك ضربه الله مثلا؛ (ومن عرض عليه) ؛ أي: أظهر وقدم إليه؛ يقال: " عرضته" ؛ أي: أظهرته؛ وبرزته له؛ ليأخذه؛ و" عرضت المتاع للبيع" ؛ أظهرته لذوي الرغبة ليشتروه؛ (طيب) ؛ بكسر؛ فسكون؛ أي: شيء من طيب؛ كمسك؛ وعنبر؛ وغالية؛ أي: قدم إليه في نحو ضيافة أو وليمة أو هدية؛ فلا يرده؛ كما يأتي في خبر؛ وإذا قبله (فليصب) ؛ أي: فليتطيب؛ يقال: " أصاب بغيته" ؛ نالها؛ و" صاب السهم نحو الرمية" ؛ و" أصاب من امرأته" ؛ كناية عن استمتاعه بها؛ (منه) ؛ ندبا؛ فإن المنة فيه قليلة؛ وهو غذاء الروح؛ التي هي مطية القوى؛ والقوى تتضاعف وتزيد به؛ كما تزيد بالغذاء والسرور ومعاشرة الأحبة وحدوث الأمور المحبوبة وغيبة من تسر غيبته ويثقل على الروح مشهده؛ ولهذا كان من أحب الأشياء إلى المصطفى - صلى الله عليه وسلم -؛ وله تأثير كبير في حفظ الصحة؛ ودفع كثير من الأسقام؛ وأسبابها؛ بسبب قوة الطبيعة؛ وقد تتبع بعضهم ما ينبغي قبوله لخفة المنة فيه؛ فبلغ سبعة؛ ونظمها في قوله:


عن المصطفى سبع يسن قبولها ... إذا ما بها قد أتحف المرء خلان

دهان وحلوى ثم در وسادة
... وآلة تنظيف وطيب وريحان



(طس؛ عن ابن عباس ) ؛ قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي ؛ وتبعه الهيتمي: فيه النضر بن طاهر؛ وهو ضعيف؛ وبه يعرف ما في قول المؤلف في الكبير: حسن.



الخدمات العلمية