الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6402 [ ص: 46 ] 8 - باب: الحدود كفارة

                                                                                                                                                                                                                              6784 - حدثنا محمد بن يوسف ، حدثنا ابن عيينة ، عن الزهري ، عن أبي إدريس الخولاني ، عن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : كنا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في مجلس فقال :" بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تسرقوا ، ولا تزنوا " . - وقرأ هذه الآية كلها -" فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به ، فهو كفارته ، ومن أصاب من ذلك شيئا ، فستره الله عليه ، إن شاء غفر له ، وإن شاء عذبه " . [ انظر : 18 - مسلم : 1709 - فتح 12 \ 84 ] .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال : كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مجلس فقال :" بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تسرقوا ، ولا تزنوا " . وقرأ هذه الآية كلها :" فمن وفى منكم فأجره على الله ، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به فهو كفارته ، ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله عليه إن شاء غفر له وإن شاء عذبه " .

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث سلف . وللدارقطني :" ومن أصاب من ذلك شيئا فأقيم عليه الحد في الدنيا فهو له طهور ، ومن ستره الله فذلك إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له " ، وله من حديث أسامة بن زيد ، عن محمد بن المنكدر ، عن ابن خزيمة بن ثابت ، عن أبيه أنه - عليه السلام - قال :" من أصاب ذنبا فأقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارته " .

                                                                                                                                                                                                                              ومن حديث علي مرفوعا " من أذنب في هذه الدنيا ذنبا فعوقب به فالله أكرم من أن يثني عقوبة على عبده ، ومن أذنب في هذه الدنيا ذنبا فستره الله عليه وعفا عنه فالله أكرم من أن يعود في شيء قد عفا عنه " .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 47 ] وقد ذهب أكثر العلماء إلى أن الحدود كفارة على حديث الباب ، وما ذكرناه ، ومنهم من ( يحجم ) عن هذا لما روى أبو هريرة - رضي الله عنه - ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :" لا أدري الحدود كفارة أم لا " وليس جيدا ؛ لأن حديث عبادة أصح من جهة الإسناد ، ولو صح حديث أبي هريرة لأمكن أن يقوله قبل حديث عبادة ، ثم يعلمه الله أنها مطهرة على ما في حديث عبادة ، فإن قلت إن المجاز به يعارض حديث عبادة ، وهو قوله تعالى ذلك لهم خزي في الدنيا [ المائدة : 33 ] يعني الحدود ، ولهم في الآخرة عذاب عظيم [ المائدة : 33 ] فدلت أن الحدود ليست كفارة . والجواب أن الوعيد في المجاز به عند جميع المؤمنين مرتب على قوله : إن الله لا يغفر أن يشرك به الآية . [ النساء : 48 ] فتأويل الآية ، إن شاء الله ذلك لقوله : لمن يشاء [ النساء : 48 ] وهذه الآية تبطل نفاذ الوعيد على غير أهل الشرك ، إلا أن ذكر الشرك في حديث عبادة مع سائر المعاصي لا يوجب أن من عوقب في الدنيا وهو مشرك ، أن ذلك كفارة له ؛ لأن الأمة مجمعة على تخليد الكفار في النار ، وبذلك نطق الكتاب والسنة ، وقد سلف هذا المعنى في كتاب الإيمان في باب علامة الإيمان حب الأنصار . فحديث عبادة معناه الخصوص فيمن أقيم عليه الحد من المسلمين خاصة أن ذلك كفارة له .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية