الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6484 [ ص: 338 ] 6 - باب: قول الله تعالى : أن النفس بالنفس الآية [ المائدة : 45 ]

                                                                                                                                                                                                                              6878 - حدثنا عمر بن حفص ، حدثنا أبي ، حدثنا الأعمش ، عن عبد الله بن مرة ، عن مسروق عن عبد الله قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والمارق من الدين التارك الجماعة " [ مسلم : 1676 - فتح 12 \ 102 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث مسروق ، عن عبد الله - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :" لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله إلا بإحدى ثلاث : النفس بالنفس ، والثيب الزاني ، والمفارق لدينه ، التارك الجماعة "

                                                                                                                                                                                                                              الشرح :

                                                                                                                                                                                                                              سلف الكلام على هذه الآية وأنها ليست بناسخة ؛ لأن البقرة عند ابن عباس كالمفسرة لها ، وأن أهل العراق جعلوها ناسخة لها ، والأول أولى لوجهين :

                                                                                                                                                                                                                              أحدهما : أن هذا تفسير ابن عباس .

                                                                                                                                                                                                                              والثاني : أنه قول يوافق بعضه بعضا والتنزيل على نسق واحد ، وقول أهل العراق ليس ( يتسق ) ؛ لأنهم أخذوا أول الآية وهو النفس بالنفس وتركوا ما وراء ذلك ، وليس لأحد أن يفرق ما جمعه الله ، فيأخذ بعضه دون بعض ، إلا أن يفرق بين ذلك كتاب أو سنة .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (" والثيب الزاني ") لا يدخل فيه العبد ، وقد اتفق الكوفيون

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 339 ] مع مالك : أن من شروط الإحصان الموجبة للرجم عندهم الحرية والبلوغ ، فإذا زنا العبد وإن كان ذا زوجة فحده الجلد عندهم ، فكما لا يدخل العبد في عموم الثيب الزاني كذا لا يدخل في عموم النفس بالنفس .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (" لدينه ") هو عام في جميع الناس ؛ لإجماع الأمة أن بالردة يجب القتل على كل مسلم فارق دينه عبدا كان أو حرا ، فخص هذا بالإجماع . وقال أبو الحسن القابسي : قوله :" المفارق لدينه " يريد الخارج منه ، فيحتمل أن يكون خروجه ترك الجماعة أو يبقى عليها ، فيقاتل على ذلك حتى يفيء إلى دينه ، وإلى الجماعة ، وليس بكافر بخروجه ، ويمكن أن يكون خروجه كفرا وارتدادا ، وقيل : يحتمل أن يريد من يسعى في الأرض فسادا .

                                                                                                                                                                                                                              وقال الداودي : هذا الحديث منسوخ بقوله تعالى : من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض [ المائدة : 32 ] فأباح القتل بالفساد ، وبقوله : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا الآية [ الحجرات : 9 ] والقتال يؤدي إلى القتل فأباحه بالبغي وبحديث قتل الفاعل والمفعول به ، الذي يعمل عمل قوم لوط . وقيل : هما في الفاعل بالبهيمة . وقال عمر - رضي الله عنه - : من بايع رجلا من غير مشورة ، قتل من بويع ومن بايع . وقال عمر بن عبد العزيز : تستتاب القدرية ، فإن تابوا وإلا قتلوا ، قال مالك : وذلك رأيي .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 340 ] قال سحنون : من بان بداره ودعا إلى بدعته يقاتل حتى يرجع إلى الجماعة ، وإن لم يبن بداره ودعا إلى بدعته سجن ، وكرر عليه المغترب حتى تعلم توبته أو يموت كفعل عمر - رضي الله عنه - في صبيغ . وقال كثير من العلماء : إن تارك الصلاة يقتل .

                                                                                                                                                                                                                              قال : وهذا كله غير الثلاث . قال : وقد يكون قال ذلك قبل نزول الفرائض وأكثر الحدود .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية