الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6704 7121 - حدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، حدثنا أبو الزناد ، عن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان ، يكون بينهما مقتلة عظيمة ، دعوتهما واحدة ، وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين ، كلهم يزعم أنه رسول الله ، وحتى يقبض العلم ، وتكثر الزلازل ، ويتقارب الزمان ، وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل ، وحتى يكثر فيكم المال فيفيض حتى يهم رب المال من يقبل صدقته ، وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه : لا أرب لي به . وحتى يتطاول الناس في البنيان ، وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول : يا ليتني مكانه . وحتى تطلع الشمس من مغربها ، فإذا طلعت ورآها الناس -يعني - آمنوا أجمعون ، فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ، ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ، ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ، ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه ، ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها " . [انظر : 85 - مسلم : 157 ، 2954 - فتح: 13 \ 81 ] .

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث حارثة بن وهب قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "تصدقوا ، فسيأتي على الناس زمان يمشي الرجل بصدقته فلا يجد (أحدا ) يقبلها " .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 402 ] قال مسدد : حارثة أخو عبيد الله بن عمر لأمه .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث أبي الزناد ، عن عبد الرحمن ، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان (عظيمتان ) ، يكون بينهما مقتلة عظيمة ، دعواهما واحدة ، وحتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين ، كلهم يزعم أنه رسول الله ، وحتى يقبض العلم ، وتكثر الزلازل ، ويتقارب الزمان " . الحديث بطوله .

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف مختصرا من هذا الوجه قبل الإكراه بلفظ : "لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان دعواهما واحدة " ومعنى : ("دعواهما واحدة " ) . أي : يدعيان الإسلام ، وتتأول كل فرقة أنها محقة وهي كذلك لتأويلها .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ("يقبض العلم " ) . أي : يموت حاملوه ، ومعنى : ("لا أرب لي فيه " ) . لا حاجة ، وقوله : "يتطاول الناس في البنيان " . يريد أهل البادية ، وقوله : "يليط حوضه " . أي : يصلحه ويطينه ، كذا وقع رباعيا من ألاط ، وكان عمر يليط أولاد الجاهلية بآبائهم ، وفي رواية : لمن ادعاهم في الإسلام . أي : يلحقهم به ، من ألاطه يليط إذا ألصقه به ولاط حبه بقلبي يليط ويلوط ليطا ولوطا لياطة ، وهو أليط بالقلب وألوط ، وعبارة الجوهري : لطت الحوض بالطين لوطا أي : طينته ، وفي "غريبي الهروي " : كل شيء لصق بشيء فقد لاط به يلوط لوطا [ ص: 403 ] ويليط ليطا ، فهو يصح على هذا ، ويكون بفتح الياء لكنهم رووه بضمها ، وروى ( القزاز ) : أن يليط كفه .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              وقوله في آخر الزمان : "وقد رفع أكلته إلى فيه فلا يطعمها " . هو بضم الهمزة ، والأكلة بالضم : اللقمة ، وبالفتح المرة الواحدة حتى يشبع . قال ابن التين : وقرأناه بضم الهمزة ، يعني : اللقمة .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : "ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته " ، وهو بكسر اللام ، وكذا ضبطه الدمياطي ، وقال ابن التين : رويناه بالفتح ، والذي في كتب أهل اللغة بالكسر على أن في "الغريبين " عن ابن السكيت لقحة ، ولقحة ، وفي "الصحاح " : اللقحة : اللقوح قال عن أبي عمرو : وإذا فتحت فهي لقوح بالفتح شهرين أو ثلاث ثم هي لبون بعد ذلك .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              هذا كله إخبار منه - عليه السلام - بما يفجأ الناس (حتى ) لا يتم أحد ما يبدأه من نشره الثوب فلا يطوى ، وليط الحوض ، فتعاجله الساعة قبل تمامه ، وأقرب من ذلك رفع اللقمة إلى فيه قبل أن يطعمها .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية