الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6832 7260 - وحدثنا أبو اليمان ، أخبرنا شعيب ، عن الزهري ، أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ، أن أبا هريرة قال بينما نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ قام رجل من الأعراب فقال : يا رسول الله ، اقض لي بكتاب الله . فقام خصمه فقال : صدق يا رسول الله ، اقض له بكتاب الله ، وأذن لي . فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - : "قل " . فقال : إن ابني كان عسيفا على هذا -والعسيف الأجير - فزنى بامرأته ، فأخبروني أن على ابني الرجم ، فافتديت منه بمائة من الغنم ووليدة ، ثم سألت أهل العلم ، فأخبروني أن على امرأته الرجم ، وأنما على ابني جلد مائة وتغريب عام . فقال : "والذي نفسي [ ص: 647 ] بيده لأقضين بينكما بكتاب الله ، أما الوليدة والغنم فردوها ، وأما ابنك فعليه جلد مائة وتغريب عام ، وأما أنت يا أنيس -لرجل من أسلم - فاغد على امرأة هذا ، فإن اعترفت فارجمها" . فغدا عليها أنيس ، فاعترفت فرجمها . [انظر : 2315 - مسلم : 1697 - فتح: 13 \ 233 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الشرح :

                                                                                                                                                                                                                              قال تعالى قبل هذه الآية : ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب الآية [التوبة : 120 ] ، قال قتادة : أمروا أن لا يتخلفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا خرج بنفسه ، فإذا وجه سرية تخلف بعضهم ؛ ليسمعوا الوحي والأمر والنهي فيخبروا به من كان غائبا ، وقيل : كان الفرض في أول الإسلام أن ينفر الجميع ثم لما كثر المسلمون صار الجهاد فرضا ، ويبقى بعضهم لحفظ أمصارهم ومنع الأعداء منهم ولحفظ نبيه - عليه أفضل الصلاة والسلام - .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              وما جزم به من تسمية الرجل طائفة ، واستدلاله بالآية هو قول ابن عباس - رضي الله عنهما - وغيره .

                                                                                                                                                                                                                              وقال عطاء : الطائفة الرجلان فصاعدا ، وقال مالك : الطائفة أربعة .

                                                                                                                                                                                                                              وقال الزجاج : لا يجوز أن تكون الطائفة واحدا ؛ لأن معناها معنى الجماعة ، والجماعة لا تكون لأقل من اثنين ، وقال ابن فارس وغيره [ ص: 648 ] من أهل اللغة : الطائفة : القطعة من الشيء ، ولا يمتنع إذا أن يسمى الواحد طائفة .

                                                                                                                                                                                                                              وروي عن مجاهد في الآية المذكورة أنهما كانا رجلين ، والأشبه في معنى الآية الأخرى وليشهد عذابهما طائفة [النور : 2 ] أنها أكثر من واحد ؛ لأن المراد بها الشهرة ، وكذا طائفة التفقه .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              خبر الواحد واجب العمل به عند جماعة العلماء ، ولا يحتاج إلى عدد محصور .

                                                                                                                                                                                                                              وقيل : اثنان ، وقيل : ثلاثة ، وقيل : أربعة ، وقيل : عشرون ، وقيل : اثنا عشر ، وقيل : ثمانون ، والكل ضعيف .

                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق البخاري في الباب أحاديث سلفت :

                                                                                                                                                                                                                              أحدها : حديث مالك بن الحويرث السالف في الأذان وغيره . وفيه : ونحن شببة متقاربون ، جمع شاب ، مثل : سفرة .

                                                                                                                                                                                                                              ثانيها : حديث التيمي هو سليمان ، عن أبي عثمان ، عن ابن مسعود - رضي الله عنه - ، قال : "لا يمنعن أحدكم أذان بلال من سحوره ، فإنه يؤذن -أو قال : ينادي - ليرجع قائمكم وينبه نائمكم ، وليس الفجر أن يقول هكذا -وجمع يحيى كفيه - حتى يقول هكذا " . ومد يحيى إصبعيه السبابتين .

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف ، وحديث ابن عمر - رضي الله عنهما - مثله ، وسلف أيضا [ ص: 649 ] و (يرجع ) بفتح أوله ثلاثي ، وهو لغة القرآن ، يقال : رجع بنفسه ورجعه غيره ، ولغة هذيل : أرجعه .

                                                                                                                                                                                                                              والأصبع يذكر ويؤنث ، وفيه عشر لغات سلفت ، واقتصر ابن التين على خمسة .

                                                                                                                                                                                                                              ثالثها : حديث ابن مسعود في السهو وأنه - عليه السلام - صلى الظهر خمسا ، فقيل : أزيد في الصلاة ؟ قال : "وما ذاك ؟ " . قالوا : صليت خمسا . فسجد سجدتين بعد ما سلم .

                                                                                                                                                                                                                              رابعها : حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - في قصة ذي اليدين ، ولا دلالة فيها لما بوب له من خبر الواحد ؛ لأن المخبرين له جماعة ، واستدل به على الشافعي أن [سجود السهو في ] الزيادة بعد السلام .

                                                                                                                                                                                                                              خامسها : حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - في التحول إلى القبلة ، وهو أول ما نسخ من القرآن في قول ابن عباس ، وكانت في الثانية في رجب وقيل في جمادى ، وقد سلف واضحا .

                                                                                                                                                                                                                              سادسها : حديث البراء مثله ، وقد يقال : إنه ليس من هذا الباب ، وإنما هو خبر أتحف به قرائن ؛ لأنهم وعدوا التحويل .

                                                                                                                                                                                                                              سابعها : حديث أنس - رضي الله عنه - : كنت أسقي أبا طلحة ، وأبا عبيدة ، وأبي بن كعب شرابا من فضيخ -وهو تمر - فجاءهم آت فقال : إن الخمر قد حرمت ، . . الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              و (المهراس ) المذكور فيه : حجر منقور يدق فيه ، والهرس : الدق ، ومنه سميت الهريسة .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 650 ] ثامنها : حديث حذيفة - رضي الله عنه - : أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لأهل نجران : " لأبعثن إليكم رجلا أمينا حق أمين " . فاستشرف لها أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فبعث أبا عبيدة .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث أنس - رضي الله عنه - : "لكل أمة أمين ، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة " .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث عمر - رضي الله عنه - : كان رجل من الأنصار إذا غاب عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وشهدته أتيته بما يكون من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وإذا غبت عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أتاني بما يكون من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث علي - رضي الله عنه - السالف قريبا في أمر الأمير بدخول النار .

                                                                                                                                                                                                                              وحديث أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني أخبراه أن رجلين اختصما إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                                                              ثم ساقه من حديث أبي هريرة .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه رد على أبي حنيفة في نفي التغريب ، ورد على من اعتبر تكرار الإقرار بالزنا ، وقوله في حديث علي - رضي الله عنه - : فأوقد نارا ، ووقدت النار ووقدت . قال ابن التين : ولم أره في كتب اللغة .

                                                                                                                                                                                                                              وهذا الحديث ليس فيما بوب له أيضا ؛ لأنهم لم يطيعوه ، والشارع قد بين لهم أنهم لو دخلوها ما زالوا فيها إلى يوم القيامة ، وأبعد من قال : إنه كان يمزح في مقالته .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية