الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              6950 [ ص: 218 ] 8 - باب: قوله تعالى: وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق [ الأنعام: 73 ]

                                                                                                                                                                                                                              7385 - حدثنا قبيصة، حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن سليمان، عن طاوس، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو من الليل: " اللهم لك الحمد أنت رب السماوات والأرض، لك الحمد أنت قيم السماوات والأرض ومن فيهن، لك الحمد أنت نور السماوات والأرض، قولك الحق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وما أخرت، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله لي غيرك ".

                                                                                                                                                                                                                              حدثنا ثابت بن محمد، حدثنا سفيان بهذا وقال: "أنت الحق، وقولك الحق".

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              أي: أبدعها وأنشأها ( بحق )، وقال الداودي: أي للحق، قال ابن التين: والله أعلم بما أراد.

                                                                                                                                                                                                                              قلت: ثم ساق حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - السالف في الدعاء: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يدعو من الليل: "اللهم لك الحمد أنت رب السماوات والأرض" بطوله.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: "رب السماوات والأرض" كقوله: خالق السماوات والأرض، و"أنت الحق"، يجوز أن يكون اسما راجعا إلى ذاته فقط

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 219 ] أي: أنت الموجود الثابت حقا الذي لا يصح عليك تغيير ولا زوال، ويجوز أن يكون راجعا إلى صفة ذاته كأنه الثابت أي قال لها: كوني فكانت، وقوله صفة من صفات ذاته عند أهل الحق والسنة على ما سيأتي بيانه بعد.

                                                                                                                                                                                                                              وقال الحليمي: تسميته بالحق مما لا يسع إنكاره، ويلزم إثباته والاعتراف به ووجوده - جل وعلا - أولى ما يجب الاعتراف به - يعني ( عند ) ورود أمره بالاعتراف به - ولا يسع جحوده.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: "أنت نور" كقوله: الله نور السماوات والأرض [ النور: 35 ].

                                                                                                                                                                                                                              وواجب صرفه عن ظاهره; لقيام الدليل على أنه لا يجوز أن يوصف بأنه نور، والمعنى: أنت نورهما بأن خلقهما دلالة لعبادك على وجودك وربوبيتك بما فيه من دلالة الحدث المفتقرة إلى محدث، فكأنه نورهما بالدلالة عليه منهما وجعل في قلوب الخلائق نورا يهتدون إليه، وقال ابن عباس الله نورهما، أي: هاديهن.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 220 ] [ ص: 221 ] وعن بعضهم مدبرهما ومدبر ما فيهما، وتقديره: الله نور السماوات.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: "قيم السماوات والأرض" يجوز أن يكون بمعنى العالم بمعلوماته، فيكون صفة ذات، وأن يكون بمعنى الحفظ لمخلوقاته والحفظ والرزق للحي منها فيكون صفة فعل، وقد سلف الحديث بأبسط من هذا.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية