الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1001 [ ص: 328 ] 6 - باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يخوف الله عباده بالكسوف"

                                                                                                                                                                                                                              قاله أبو موسى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

                                                                                                                                                                                                                              1048 - حدثنا قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا حماد بن زيد، عن يونس، عن الحسن، عن أبي بكرة قال قال: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله، لا ينكسفان لموت أحد، ولكن الله تعالى يخوف بها عباده". وقال أبو عبد الله: لم يذكر عبد الوارث، وشعبة، وخالد بن عبد الله، وحماد بن سلمة، عن يونس: "يخوف بها عباده". وتابعه موسى، عن مبارك، عن الحسن قال: أخبرني أبو بكرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. "إن الله تعالى يخوف بهما عباده". وتابعه أشعث، عن الحسن. [انظر: 1040 - فتح: 2 \ 535]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              حدثنا قتيبة بن سعيد، ثنا حماد بن زيد، عن يونس، عن الحسن، عن أبي بكرة: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله" إلى أن قال: "ولكن الله يخوف بها عباده". وتابعه موسى، عن مبارك، عن الحسن، أخبرني أبو بكرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله تعالى يخوف بهما عباده". ولم يذكر عبد الوارث وشعبة وخالد بن عبد الله وحماد بن سلمة، عن يونس: "يخوف بهما عباده". تابعه أشعث، عن الحسن.

                                                                                                                                                                                                                              الشرح:

                                                                                                                                                                                                                              حديث أبي موسى يأتي قريبا في باب الذكر في الكسوف.

                                                                                                                                                                                                                              وفائدة المتابعة تنصيص الحسن بصريح الإخبار عن أبي بكرة.

                                                                                                                                                                                                                              و ( مبارك ) هو ابن فضالة تابع يونس، وهذه المتابعة أسندها الطبراني لكن من حديث أبي الوليد الطيالسي عنه به، ومبارك هذا بصري، [ ص: 329 ] مولى عمر، مات سنة أربع أو خمس أو ست وستين ومائة، استشهد به البخاري.

                                                                                                                                                                                                                              و ( موسى ) هو ابن داود بن عبد الله الضبي، كوفي، قاضي الثغور، مات سنة ست أو سبع وعشرين ومائتين روى له مسلم أيضا، كذا نقلته من خط الدمياطي، وذكر المزي أنه موسى بن إسماعيل التبوذكي وهو أيضا يروي عن مبارك بن فضالة، فذكر أن البخاري علق عن التبوذكي، عن مبارك. ولم يذكر الضبي في البخاري لا رواية ولا تعليقا.

                                                                                                                                                                                                                              وأما طريق عبد الوارث فأخرجها البخاري في باب: الصلاة في كسوف القمر عن أبي معمر عنه، وليس في طريقه: "يخوف الله بهما عباده".

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 330 ] لكن أخرجه النسائي بها من طريقه، وكذا البيهقي وقال: رواه البخاري عن أبي معمر، عن عبد الوارث ; إلا أن أبا معمر لم يذكر قوله: "يخوف الله بهما عباده".

                                                                                                                                                                                                                              وقد ذكره جماعة، فأورده الإسماعيلي من حديث إسماعيل بن علية، عن يونس، عن الحسن به.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ( وشعبة ). أي أنه لم يذكر ذلك كما أخرجه البخاري في كسوف القمر.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ( وخالد بن عبد الله ). يعني: الطحان، لم يذكر ذلك كما سلف أول الكسوف.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ( وحماد بن سلمة ) يعني: لم يذكرها أيضا، وقد أخرجها الطبراني من حديث حجاج بن منهال عن حماد به، وأخرجه البيهقي من طريق أبي زكريا السيلحيني عن حماد بن سلمة به، وقال: هكذا رواه جماعة عن بشر بن موسى يعني: أبي زكريا بهذا اللفظ قال: واستشهد البخاري برواية حماد بن سلمة عن يونس.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ( وتابعه أشعث عن الحسن ) يعني: تابع موسى عن مبارك عن الحسن عن أبي بكرة، وفيه: "يخوف بهما عباده"، وهذه الرواية أخرجها النسائي من حديث خالد بن الحارث ثنا أشعث عن الحسن بدون:

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 331 ] "يخوف بهما عباده" وهذا مذكور في بعض النسخ عقب قوله: تابعه موسى عن مبارك عن الحسن.

                                                                                                                                                                                                                              والصواب ذكره آخرا كما ذكرناه ; لأن النسائي لم يذكر فيها: "يخوف بهما عباده".

                                                                                                                                                                                                                              وكأن أشعث تابع من روى عن يونس بعد هذه الرواية.

                                                                                                                                                                                                                              وكذا رواه الطبراني من طريق الأشعث بدونها، وكذا البيهقي من طريق أشعث أيضا، وأشعث هذا هو ابن عبد الملك الحمراني، أبو هانئ، بصري، مات سنة ثنتين وأربعين ومائة، روى له الأربعة.

                                                                                                                                                                                                                              قال المهلب: مصداق هذا الحديث في قول الله تعالى: وما نرسل بالآيات إلا تخويفا يدل ذلك أن الآيات تحذير للعباد، فينبغي عند نزولها مبادرة الصلاة والخشوع والإخلاص له، واستشعار التوبة والإقلاع عن المعاصي، ألا ترى أنه - عليه السلام - عرض في مقامه الجنة والنار ; ليشوق بالجنة أهل الطاعة، وليتوعد بالنار أهل المعاصي، وأخبرهم الشارع أن الكسوف ليس كما زعم الجهال أنه من موت إبراهيم ابنه، وأنه تخويف وتحذير.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 332 ] وكذا قال الخطابي.

                                                                                                                                                                                                                              فيه: دليل على أن الصلاة تستحب عند كل آية.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ( "لا ينكسفان" ) كذا قال هنا، وقال في حديث آخر:

                                                                                                                                                                                                                              "لا يخسفان " فسمى الاسمين مرة بلفظ الكسوف ومرة بلفظ الخسوف.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية