الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1218 [ ص: 496 ] 28 - باب: من استعد الكفن في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم ينكر عليه

                                                                                                                                                                                                                              1277 - حدثنا عبد الله بن مسلمة ، حدثنا ابن أبي حازم ، عن أبيه ، عن سهل - رضي الله عنه - ، أن امرأة جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - ببردة منسوجة فيها حاشيتها -أتدرون ما البردة ؟ قالوا : الشملة ؟ قال : نعم- قالت : نسجتها بيدي ، فجئت لأكسوكها . فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - محتاجا إليها ، فخرج إلينا وإنها إزاره ، فحسنها فلان فقال : اكسنيها ، ما أحسنها . قال القوم : ما أحسنت ، لبسها النبي - صلى الله عليه وسلم - محتاجا إليها ، ثم سألته وعلمت أنه لا يرد . قال : إني والله ما سألته لألبسها ، إنما سألته لتكون كفني . قال سهل : فكانت كفنه . [2093 ، 5810 ، 603 - فتح: 3 \ 143]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث سهل بن سعد أن امرأة جاءت النبي - صلى الله عليه وسلم - ببردة منسوجة . . الحديث . وفيه : إنما سألته لتكون كفني . فكانت كفنه .

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث أخرجه مسلم أيضا ، وهو ظاهر لما ترجم له من إعداد الكفن .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه هدية المرأة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وقبول السلطان إياها من الفقير ، وترك مكافأته عليها بخلاف من قال : إن هدية الفقير للمكافأة ، مع أن من شأنه - صلى الله عليه وسلم - المكافأة .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه أنه يسأل السلطان الفاضل والرجل العالم الشيء الذي له القيمة للتبرك به .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 497 ] وقوله : فيها حاشيتها : أي أنها لم تقطع من ثوب فلا تكون لها حاشية ، أو تكون لها حاشية واحدة ; لأنها بعض ثوب ، قاله الداودي ، وقال غيره : حاشية الثوب هدبه ، وكأنها جديدة لم تقطع ولم تلبس ; لأنها دائرة بعد .

                                                                                                                                                                                                                              و (فيها حاشيتها ) قال القزاز : حاشيتا الثوب : ناحيتاه اللتان في طرفهما الهدب ، وقال الجوهري : الحاشية واحدة حواشي الثوب ، وهي جوانبه .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه : ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي حتى لا يجد شيئا فيدخل بذلك في جملة المؤثرين على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه : جواز المسألة بالمعروف ، وأنه لم يكن يرد سائلا .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه : بركة ما لبسه الشارع بما يلي جسده .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه : جواز إعداد الشيء قبل وقت الحاجة إليه . وقد حفر بعض الصالحين قبورهم بأيديهم ، ليمتثلوا حلول الموت فيهم ، وأفضل ما ينظر في وقت المهد وفسحة الأجل الاعتداد للمعاد ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : "أفضل المؤمنين إيمانا أكثرهم للموت ذكرا ، وأحسنهم له استعدادا "

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 498 ] وقال الضمري : لا يستحب أن يعد الإنسان لنفسه كفنا ; لئلا يحاسب عليه ، وهو صحيح إلا إذا كان من جهة يقطع بحلها أو من أثر أهل الخير والصلحاء والعباد فإنه حسن .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية