الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              123 [ ص: 632 ] 45 - باب: من سأل وهو قائم عالما جالسا

                                                                                                                                                                                                                              123 - حدثنا عثمان، قال: أخبرنا جرير، عن منصور، عن أبي وائل، عن أبي موسى قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ما القتال في سبيل الله؟ فإن أحدنا يقاتل غضبا، ويقاتل حمية. فرفع إليه رأسه قال: وما رفع إليه رأسه إلا أنه كان قائما -فقال: " من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله -عز وجل-". [2810، 3126، 7458 - مسلم: 1904 - فتح: 1 \ 222].

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              حدثنا عثمان، ثنا جرير، عن منصور، عن أبي وائل، عن أبي موسى قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، ما القتال في سبيل الله؟ فإن أحدنا يقاتل غضبا، ويقاتل حمية. فرفع إليه رأسه قال: وما رفع إليه رأسه إلا أنه كان قائما، فقال: "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله".

                                                                                                                                                                                                                              الكلام عليه من أوجه:

                                                                                                                                                                                                                              أحدها:

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث أخرجه البخاري هنا كما ترى. وفي الجهاد عن سليمان بن حرب، عن شعبة . وفي الخمس عن بندار، عن غندر، عن شعبة، عن عمرو بن مرة . (وفي التوحيد عن محمد بن كثير، عن الثوري، عن الشعبي، وأخرجه مسلم في الجهاد عن أبي موسى وبندار، عن غندر، عن شعبة، عن عمرو بن مرة) وعن ابن [ ص: 633 ] نمير وغيره عن جرير، عن منصور ثلاثتهم عن أبي وائل به.

                                                                                                                                                                                                                              ثانيها: في التعريف برواته وقد سلف التعريف بهم أجمع.

                                                                                                                                                                                                                              ثالثها:

                                                                                                                                                                                                                              فيه: جواز سؤال العالم وهو واقف كما ترجم له لعذر من ضيق مكان ونحوه، ولا يكون ذلك تركا لتوقير العالم، ألا ترى أنه - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر ذلك عليه، ولا أمره بالجلوس; ولا من باب: "من أحب أن يتمثل له الناس قياما، فليتبوأ مقعده من النار" فمثل هذه الهيئة مع سلامة النفس مشروعة.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه أيضا: ما أعطي - صلى الله عليه وسلم - من الفصاحة وجوامع الكلم، فإنه أجاب السائل بجواب جامع لمعنى سؤاله لا بلفظه من أجل أن الغضب والحمية قد تكونان لله تعالى، وقد تكونان لعرض الدنيا، فأجابه بالمعنى مختصرا، إذ لو ذهب يقيم وجوه الغضب لطال ولربما ألبس على السائل، وجاء أيضا في "الصحيح": الرجل يقاتل للمغنم، ويقاتل للذكر، ويقاتل ليرى مكانه، فمن في سبيل الله؟ فأجاب بذلك.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 634 ] وفيه: أن الإخلاص شرط في العبادة، فمن غلب باعثه الدنيوي، فقد خسر ومن غلب الديني ففائز عند الجمهور خلافا للحارث المحاسبي، قال محمد بن جرير الطبري : إذا ابتدأ العمل لله لا يضره ما عرض بعده من إعجاب بالاطلاع عليه.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية