الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1816 [ ص: 106 ] 15 - باب: قول الله جل ذكره: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم إلى قوله: فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم [البقرة: 187]

                                                                                                                                                                                                                              1915 - حدثنا عبيد الله بن موسى، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء رضي الله عنه قال: كان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الرجل صائما، فحضر الإفطار، فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وإن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما، فلما حضر الإفطار أتى امرأته، فقال لها أعندك طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلق فأطلب لك. وكان يومه يعمل، فغلبته عيناه، فجاءته امرأته، فلما رأته قالت: خيبة لك. فلما انتصف النهار غشي عليه، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فنزلت هذه الآية: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم ففرحوا بها فرحا شديدا، ونزلت وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود . [4508 - فتح: 4 \ 129]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث البراء رضي الله عنه قال: كان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الرجل صائما، فحضر الإفطار، فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي، وإن قيس بن صرمة الأنصاري ... الحديث إلى قوله: فنزلت هذه الآية: أحل لكم ليلة الصيام الرفث .

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث من أفراده، لم يخرجه مسلم إلا نزول الآية وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض إلى قوله إلى الليل [البقرة: 187]، وتابع البخاري على قيس بن صرمة : الترمذي وابن خزيمة والدارمي وجماعات .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 107 ] وقال أبو نعيم في "الصحابة": صرمة بن أنس -وقيل: ابن قيس- الخطمي الأنصاري الشاعر نزلت فيه وكلوا واشربوا [البقرة: 187] الآية ثم ساق من حديث صرمة بن أنس : أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - عشية من العشيان وقد جهده الصوم فقال له: "ما لك يا قيس، أمسيت طليحا .. " الحديث ، وكذا ذكره أبو داود في "سننه" ومقاتل في "تفسيره".

                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن عبد البر : صرمة بن أبي أنس - قيس- بن مالك البخاري، أبو قيس . وقال بعضهم: صرمة بن مالك نسبه إلى جده، وهو الذي نزل فيه وفي عمر أحل لكم ليلة الصيام [البقرة: 187] كذا هو في "أسباب النزول" للواحدي .

                                                                                                                                                                                                                              وقال الداودي : ما ذكره البخاري من كونه قيس بن صرمة أخشى أنه ليس بمحفوظ، إنما هو صرمة بن قيس، وبخط الدمياطي قيل: نزلت في ابنه قيس، والأشبه: صرمة، ترهب في الجاهلية ثم أسلم وشهد أحدا.

                                                                                                                                                                                                                              وفي كتاب ابن الأثير من حديث أبي هريرة : ضمرة بن أنس ، ولعله تصحيف.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 108 ] وقال السهيلي : حديث صرمة بن أبي أنس - قيس بن صرمة - الذي أنزل الله فيه وفي عمر أحل لكم ليلة الصيام الرفث [البقرة: 187] إلى قوله: وعفا عنكم [البقرة: 187] فهذه في عمر، ثم قال:

                                                                                                                                                                                                                              وكلوا واشربوا إلى آخر الآية.

                                                                                                                                                                                                                              فهذه في صرمة بن أنس، بدأ الله بقصة عمر لفضله، ثم بقصة صرمة .

                                                                                                                                                                                                                              إذا تقرر ذلك:

                                                                                                                                                                                                                              فالرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجل من النساء، قاله الزجاج .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: هن لباس لكم أي: سكن، أو من الملابسة وهو الاختلاط والاجتماع، والعرب تسمي المرأة لباسا.

                                                                                                                                                                                                                              تختانون من الخيانة أي: تخونون أنفسكم بارتكابكم ما حرم عليكم. والمباشرة: الجماع من البشرة وابتغوا ما كتب الله لكم الولد أو الجماع. وقال ابن عباس : ليلة القدر ، وهو غريب.

                                                                                                                                                                                                                              وقولها: ( فلما رأته قالت: خيبة لك ). هي من خاب يخيب إذا لم ينل ما طلب.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 109 ] وذكر إسماعيل بن إسحاق عن زيد بن أسلم وإبراهيم التيمي قالا: كان المسلمون في أول الإسلام يفعلون كما يفعل أهل الكتاب إذا نام أحدهم لم يطعم حتى تكون القابلة، فنسخ الله ذلك. وقال مجاهد : كان رجال من المسلمين يختانون أنفسهم في ذلك فعفا الله عنهم، وأحل لهم الأكل والشرب والجماع بعد الرقاد وقبله في الليل كله .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية