الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              191 [ ص: 324 ] 44 - باب: صب النبي - صلى الله عليه وسلم - وضوءه على المغمى عليه

                                                                                                                                                                                                                              194 - حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة، عن محمد بن المنكدر قال: سمعت جابرا يقول: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني وأنا مريض لا أعقل، فتوضأ وصب علي من وضوئه، فعقلت فقلت: يا رسول الله، لمن الميراث؟ إنما يرثني كلالة. فنزلت آية الفرائض. [4577، 5651، 5664، 5676، 6723، 6743، 7309 - مسلم: 1616 - فتح: 1 \ 301]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              حدثنا أبو الوليد، ثنا شعبة، عن محمد بن المنكدر قال: سمعت جابرا يقول: جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعودني وأنا مريض لا أعقل، فتوضأ وصب علي من وضوئه، فعقلت فقلت: يا رسول الله، لمن الميراث؟ إنما يرثني كلالة. فنزلت آية الفرائض.

                                                                                                                                                                                                                              الكلام عليه من أوجه:

                                                                                                                                                                                                                              أحدها:

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث أخرجه في التفسير، والفرائض، والطب، والاعتصام، وأخرجه الباقون في الفرائض.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 325 ] وأخرجه الترمذي والنسائي في التفسير. والنسائي في الطهارة.

                                                                                                                                                                                                                              وابن ماجه في الجنائز. واشتهر عن ابن المنكدر، وعن ابن جريج. وفي بعض طرقه: عادني رسول الله وأبو بكر في بني سلمة ماشيين، ذكره في التفسير وفي بعضها: ما تأمرني أن أصنع في مالي؟

                                                                                                                                                                                                                              وفي أخرى: كيف أقضي في مالي؟

                                                                                                                                                                                                                              وفي أخرى: إنما يرثني سبع أخوات.

                                                                                                                                                                                                                              وفي أخرى: تسع.

                                                                                                                                                                                                                              وفي أخرى: فنزلت: يستفتونك الآية [النساء: 176].

                                                                                                                                                                                                                              وفي أخرى في التفسير فنزلت: يوصيكم الله في أولادكم [النساء: 11].

                                                                                                                                                                                                                              ثانيها:

                                                                                                                                                                                                                              في الكلالة أقوال؛ أصحها: ما عدا الوالد والولد، وفيه حديث [ ص: 326 ] صحيح من طريق البراء بن عازب. وقيل: ما عدا الولد خاصة. وقيل: الإخوة للأم. وقيل: بنو العم ومن أشبههم. وقيل: العصبات كلهم وإن بعدوا. ثم قيل: للورثة. وقيل: للميت. وقيل: لهما. وقيل: للمال الموروث. وقد أوضحت ذلك في "شرح فرائض الوسيط"، ويأتي مبسوطا في موضعه إن قدر الله الوصول إليه.

                                                                                                                                                                                                                              ثالثها:

                                                                                                                                                                                                                              لعل المراد بآية الفرائض آية الكلالة، كما صرح به في الرواية الأخرى، فإنها نزلت بعد يوصيكم الله ، وأما يوصيكم الآية [النساء: 11]، فقد سلف أنها نزلت فيه أيضا.

                                                                                                                                                                                                                              لكن روى جابر أنها نزلت في ابنتي سعد بن الربيع، قتل أبوهما يوم أحد وأخذ عمهما مالهما، أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث ابن عقيل عنه، ووالد جابر توفي بعد أحد، فإن جابرا قال: ولا يرثني إلا كلالة، وقد قيل في سبب نزولها غير ذلك.

                                                                                                                                                                                                                              رابعها: في أحكامه:

                                                                                                                                                                                                                              فيه: استحباب العيادة، واستحباب المشي لها، وفي رواية: ليس براكب بغل ولا برذون.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: جواز عيادة المغمى عليه، وهذا إذا كان عند المريض من [ ص: 327 ] يراعي حاله لئلا ينكشف. وقيل: إن كان صالحا فله ذلك، وإن كان غيره فيكره، إلا أن يكون ثم من يراعي حاله، حكاه المنذري.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: التبرك بآثار الصالحين لا سيما سيد الصالحين; فإنه صب على جابر من وضوئه المبارك.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: بركة ما باشروه أو لمسوه.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 328 ] وفيه: دليل على طهارة الماء المستعمل؛ فإنه لا يتبرك بغيره، لا يقال: إن هذا يختص بوضوئه، فإنه - صلى الله عليه وسلم - أمر الذي عان سهلا أن يتوضأ له ويغسل داخلة إزاره ويصبه عليه ليحل عنه شر العين، ولم يأمر سهلا أن يغتسل منه.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: جواز الوصية للمريض وإن بلغ هذا الحد وفارقه عقله في بعض الأحيان، إذا كان عاقلا عند الوصية.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: أنه لا يقضى بالاجتهاد ما دام يجد سبيلا إلى النص.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية