الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              3216 3397 - حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان، حدثنا أيوب السختياني، عن ابن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة وجدهم يصومون يوما -يعني عاشوراء- فقالوا: هذا يوم عظيم، وهو يوم نجى الله فيه موسى، وأغرق آل فرعون، فصام موسى شكرا لله. فقال: "أنا أولى بموسى منهم". فصامه وأمر بصيامه. [انظر: 2004 - مسلم: 1130 - فتح: 6 \ 429]

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 458 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 458 ] الكلام صفة للرب -جل جلاله- ومن أنكر كلامه لموسى فهو كافر.

                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق في الباب ثلاثة أحاديث:

                                                                                                                                                                                                                              أحدها:

                                                                                                                                                                                                                              حديث سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلة أسري به: "رأيت موسى، وإذا رجل ضرب رجل، كأنه من رجال شنوءة" الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف، ويأتي في أحاديث الأنبياء. وأخرجه مسلم في الإيمان والترمذي في التفسير. ومعنى (ضرب): نحيف، وهو مدح. والرجل: الدهين الشعر المسترسله المسرحه.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: "من رجال شنوءة" قال الداودي: يعني: في الطول. وقال القزاز: ما أدرى البخاري بذلك؟! على أنه روى في صفته بعد هذا خلاف هذا فقال: "وأما موسى فآدم جسيم كأنه من رجال الزط".

                                                                                                                                                                                                                              وقوله في عيسى: "كأنما خرج من ديماس" قيل: هو السرب، وقيل: الحمام، وأراد إشراق لونه ونضارته. وقيل: لم يكن لهم يومئذ ديماس وإنما هو من علامات نبوته.

                                                                                                                                                                                                                              الحديث الثاني:

                                                                                                                                                                                                                              حديث أبي العالية عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى" الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 459 ] ويأتي في تفسير سورة النساء والأنعام، وقد سلف تأويله.

                                                                                                                                                                                                                              وفي لفظ: "من قال: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب" أي: غيري.

                                                                                                                                                                                                                              وقيل: خص يونس; لأن الله تعالى لم يذكره في جملة أولي العزم من الرسل، وقال: ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم [القلم: 48] وقال: إذ ذهب مغاضبا [الأنبياء: 87] فخفض عن مراتب أولي العزم من الرسل، فالمعنى إذا لم آذن لكم أن تفضلوني على يونس فلا يجوز أن تفضلوني على غيره من جملة الأنبياء وليس بمخالف لقوله: "أنا سيد ولد آدم" لأنه قال شكرا لا فخرا، وأراد بالسيادة ما يكرم به في القيامة من الشفاعة.

                                                                                                                                                                                                                              فائدة:

                                                                                                                                                                                                                              اسم أبي العالية: رفيع بن مهران الرياحي، أعتقته امرأة من بني رياح حي من تميم، يقال لها: أمية، وقيل: أمينة، سائبة لوجه الله، وطافت به على حلق المسجد.

                                                                                                                                                                                                                              قيل: إنه أدرك الجاهلية وأسلم بعد موت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسنتين، كان ابن عباس يجلسه معه على السرير، وقريش تحته.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 460 ] الحديث الثالث:

                                                                                                                                                                                                                              حديث أيوب السختياني، عن ابن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة وجدهم يصومون يوما يعني عاشوراء.. الحديث.

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف حكمه في الصوم، وأخرجه مسلم والنسائي وأيضا ابن ماجه وأسقط ابن سعيد. وقال: عن سعيد. و(ابن سعيد) هو عبد الله، أسدي والبي مولاهم أخو عبد الملك، رويا عن أبيهما، قال أبو حاتم: لا بأس به.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية